الحج أعظم وأجل وأحلى رحلة يقوم بها المسلم، الحج رحلة ولادة، رحلة تكفير ذنوب، رحلة حب، رحلة جهاد، رحلة منافع «وليشهدوا منافع لهم»، وهنا سنلقي بعض الضوء على تلك المنافع وربط هذه المنافع ببعض مفاهيم التنمية البشرية والتفكيرية من قبيل «والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم»، «نور على نور»، من هذه الفلسفات: 1 إعادة برمجة للنفس، الحج هو بتعبير عصري فرمتة للنفس، وللروح المسلمة إعادة تشغيل بعد طهارة وتصليح للنفس، ففي الحج الصلاة على وقتها الأذكار الدعاء الخشوع التقرب إلى الله وينصح علماء الغرب بأن يكون هناك رحلة غير عادية بمنتصف العمر لإعادة النشاط للنفس البشرية، يتم فيها تفريغ الشحنات السالبة واستبدالها بشحنات إيجابية، وما الحج إلا افتقار ومذلة لله، يقول عليه الصلاة والسلام: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة» رواه ابن حبان في صحيحه، ولكن إذا كان الحج ينفي الذنوب فكيف ينفي الحج الفقر؟، كما رأينا فإن هذه الرحلة تعيد للجسم طاقاته فيصبح أكثر قابلية للعمل وكسب الرزق، ولذلك فإن الحج يساعد الإنسان على القضاء على الفقر!!. 2 هناك مجموعة من المهارات في كورت التفكير لإدوارد ديبونو مؤسس هندسة التفكير، منها مهارة الهدف أي أنه عندما تقوم بعمل شيء ما فكر في الأهداف أولا، والحج يضع بين أيدينا مجموعة من الأهداف للحج السليم، منها غفران الذنوب وإقامة الركن الخامس والولادة الجديدة، فكيف تتخيل إنسانا خارجا بتلك الأهداف النبيلة الجميلة الغالية، كيف يكون سلوكه تكون روحانياته؟، فمن مقاصد وأهداف الحج تدور محاورها على تصحيح الاعتقاد والتعبد، وعلى الدعوة لانتظام شمل المسلمين ووحدة كلمتهم، وعلى التربية للفرد والمجتمع، والتزكية السلوكية للنفوس والقلوب والأرواح والأبدان؛ قال تعالى: «ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» الحج: الآية 28؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : منافع الدنيا والآخرة، فأما منافع الآخرة، فرضوان الله جل وعلا، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارة. 3 المشاعر قبل الشعائر كما أنه لا مجال للأعمال التي تثير الغضب بين الحجاج، فالسكينة والهدوء في الحركة من الوصايا التي تتبع عند الزحام، وعند لقاء الحجاج حتى لا يغضب واحد من الآخر، وحتى لا يؤذي القوي الضعيف، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: يا أبا حفص إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن فإنك تؤذي الضعيف ولكن إن وجدت خلوة فاستلم وإلا فكبر وامض. رواه الشافعي في سننه. 4 مهارة النتائج، عند التفكير في عمل لا بد من النظر للنتائج والعمل مرتبط بالنتيجة، فإن كانت المقدمات مهمة كانت النتائج مهمة، وإن كانت المقدمات نبيلة كانت النتائج نبيلة، فأنت أيها الحاج تطوف وتسعى وتدعو وتبيت وترمي، كله من أجل الله ولله وأنت تستمتع بهذا الجهد وتلك المشقة، فكانت النتائج ببشرى مغفرة الذنوب والبداية الجديدة في الحديث الذي رواه البخاري: «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»؟. 5 قانون الربط، وهو الربط بين الماضي والحاضر والمستقبل وهنا يستخدمه كثير من العلماء في العلاج بخط الزمن أن ينظر الحاج للماضي كيف كانت قصة الذبيح وكيف كان سلوك هاجر وكيف كان الشيطان وعناده؟ وكيف انتصر عليه النبي الكريم؟، ثم يربط هذا الماضي بواقعه ليعالج السلبيات وينمي الإيجابيات وليصل بحجه لمستقبل جديد بولادة جديدة وتصورات وقناعات جديدة. * مستشار أسري [email protected]