عندما يبتعد الإنسان عن عزيز، فإن شوقه وحبه يزداد، لذا تجده يضحي بالغالي والنفيس من أجل رؤية من أضناه فراقه إلى جواره، هذا على نطاق ضيق ودائرة صغيرة، فكيف بمن شوقه لوطن، وهو في الحقيقة وطن غير كل الأوطان، فيه بيت الله الحرام قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفيه مسجد رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ولا شك أن حب هذه البلاد المباركة عميق وعميق جدا ومتأصل في سويداء القلب، لا يدركه ويعرف قدره إلا من ترعرع وعاش على أرضها التي هي مهبط الوحي، والتي درج عليها سيد الخلق وخاتم النبيين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، إنها ديار انطلق منها صوت الحق وكلمة التوحيد، والدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وهجر أفعال وعادات الجاهلية، واتباع هدي جديد أساسه قول الله وقول رسوله الكريم، يخرج أتباعه من الظلمات إلى النور، ونحمده سبحانه أننا في هذا العصر نرى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله مطبوعة على راية بلادنا، فالذي أسس هذا الكيان الشامخ رجل عظيم، منحه المولى حكمة ومعرفة بأمور يجهلها الكثير في ذلك الوقت، لقد أدرك الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أن الدين الإسلامي هو دين الحق الذي يحقق الخير والصلاح لأي مجتمع، ومن هذا المنطلق عمل بقناعة وإخلاص، فوحد هذه البلاد على مبدأ رباني يرضاه الواحد القهار ورسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، وبعد وفاته رحمه الله واصل أبناؤه البررة المسير بخطى ثابتة على نهج يخدم الدين والوطن، وهذا ما جعل المجتمع السعودي ينعم بالأمن والاستقرار والعيش الكريم، وقبل هذا وذاك محافظا على تعاليم دينه الحنيف، لذلك فإن الحفاظ على أمن هذا الوطن ومقدراته أمانة في أعناقنا جميعا، حيث إن هذا الكيان نواة صلبة لدين الحق الذي فيه خير الدنيا والآخرة، وختام الحديث عن هذا الوطن الغالي لا نهاية له تماما كما الشوق إليه، غير أن الإنسان يجد نفسه أحيانا مضطرا لنثر ولو شيئ يسير لأمر يلح على العقل والفكر. مهندس عايض الميلبي لوس أنجلس