انتظم عقد كوكبة من علماء وفقهاء وحقوقيين ومفكري الأمة الإسلامية في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم بدعوة ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لافتتاح فعاليات (المؤتمر العالمي عن ظاهرة التكفير) في رحاب المدينةالمنورة حيث مقر الجائزة العالمية (جائزة نايف العالمية لخدمة السنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة حيث حققت إنجازات عظيمة وتأثيرا كبيرا من منطلق رسالتها ونبل مقاصدها لخدمة المسلمين في العالم الإسلامي والغربي وإبراز محاسن سماحة الدين الإسلامي وتصديه لكل فكر شاذ منحرف يشوه الصورة الحقيقية لدين ختم الله به الرسالات والديانات جاء المؤتمر في توقيت مناسب ليرد على ظهور ظاهرة التكفير في عالم خلط فيه المغرضون الأجندات السياسية بالدينية والعقدية لخدمة أغراض معينة في لفيف مختلط بأيديولوجيات هدامة ونتاج لفكر متزمت ومتشدد يكفر المخالف له وكان نذير اكتواء أدى إلى الفرقة والبغضاء وكان بعيدا كل البعد عن يسر الشريعة ومقاصدها ومنهج الوطنية واعتدالها، وقد تناسى هؤلاء العواقب الوخيمة التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه). ومن هذا المنطلق ولتصحيح ما ران على قلوب تدعو للشقاق والفرقة عقد هذا المؤتمر ليبين للناس أن التكفير ليس من الدين الذي قام على السماحة واليسر بل هو قضية ذات أخطار بالغة على الفرد والجماعة والمجتمع تساهم في خلق أجواء من الفتن والاضطرابات وتشرذم الأمة وتنشر الفوضى وتفسد الدين وتحرض الناس على التمرد والعصيان وإثارة الفتن وتلغي مرجعية العلماء الفقهاء وتصدر أهل الجهل والضلال وسفهاء الأحلام وتربك المجتمع بفوضى الإفتاء عن جهل وضلال. لقد عالج المؤتمر ومن خلال الأبحاث العلمية والمداخلات القيمة حول هذه الظاهرة كثيرا من المفاهيم الخاطئة كمخالفة منهج أهل السنة والجماعة والفرقة المذمومة والخروج على الأئمة والحكام وإضعاف جماعة المسلمين وكل هذا يؤدي إلى العدوان والبغضاء وانتهاك الأعراض وسفك الدماء وتشويه صورة وسماحة الدين وعالميته المتميزة بالحب واليسر ورفع الحرج ناهيك عن أنها ظاهرة ممقوتة ويأثم من يحمل كبرها لأنها تؤدي إلى صد النفس عن الدين الحق وتدعو إلى حجر الفكر والانغلاق وسد باب الحوار مع الآخر رأيا وفكرا، ومن آثارها الهدامة الآثار الأمنية حيث تهدم الشباب وتؤثر في سلوكهم وتشجع أجواء القلق والخوف والمساس بالسلم الإسلامي العالمي والتأثير على العلاقات الدولية الإسلامية، ولقد كسب المؤتمر العالمي الجولة في تبيان الطرق الناجعة والوقائية والمكافحة الميدانية لمواجهة الظاهرة المفسدة والتنديد بخطاب يعطي المفكرين الحركيين الذين أغرقوا في نعت المجتمعات المسلمة والأنظمة السياسية التي تحكم الشريعة بالجاهلية العصرانية فلو أدركوا النهج النبوي والخطاب الإسلامي المستند على الأدلة الشرعية والمقاصدية لأدركوا أنها مصادر حقة لا تكفر الأمة ولا تنعتها بالجاهلية.. وبعد: فالمؤتمر وضع الرؤى العلاجية لظاهرة التكفير ودعا في توصياته إلى أساليب وطرق ونظريات وتطبيقات للمعالجة تنطلق من هدى الكتاب والفقه والتأكيد على وسطية الإسلام واعتداله. د. حسن بن محمد سفر أستاذ السياسة الشرعية