في الوقت الذي أخذت أجهزة التقنية الإلكترونية تنتشر بشكل سريع بين صفوف الأطفال، وباتت مطلبا ملحا أمام العديد من الأسر التي لا تجد غير تلبية رغبات صغارها، أبدى عدد من الأمهات قلقهم من دخول أبنائهم إلى عالم التقنية، معبرين عن عجزهم في فك شفرات البرامج وما تحتويه من نوافذ قد تدفع بأخلاق الأطفال نحو الهاوية، وما تعكسه من سلوكيات سلبية على شخصية الطفل. لطيفة الحربي أم لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشر والسادسة، أكدت في حديثها ل «عكاظ»: لدي قناعة تامة أن الأجهزة المحمولة تحتوي على برامج تعليمية وتفاعلية تساهم كثيرا في تطوير ذكاء الطفل وقدراته، فأنا أرى أن أولادي أصبحوا يجيدون التعامل مع جميع الأجهزة الإلكترونية وباحتراف، ولكن لابد للأم أن تحدد مواعيد معينة لاستخدام مثل هذه الأجهزة وأن تنظم وقتهم بين الدراسة واللعب. من جانبها، كشفت عبير الثبيتي عن معاناتها مع طفلها البالغ 10 سنوات، وقالت: طالما عاقبت ولدي لكثرة استخدامه الأجهزة الإلكترونية، فهو يقضي كل وقته ممسكا بهذه الأجهزة، ولا يلتفت إلى مذاكرة دروسه إلى بشق الأنفس، بل إنه تأثر حتى من حيث اللعب مع أصدقائه. وأضافت الثبيتي «ما يقلقني هو أن تتأثر شخصية طفلي ويصبح انطوائيا بسبب جلوسه المستمر مع هذه التقنية، وفي الوقت ذاته لم أعد استطيع حرمانه من هذه التقنية، فهي لدى جميع الأطفال في وقتنا هذا». في الوقت ذاته، أكدت نورة الغامدي، أن سلوكيات أطفالها تأثرت بعد أن اشترت لهم أجهزة إلكترونية محمولة، حيث أصبح كل شخص منهم منعزلا عن إخوته ويظل بصحبة جهازه الذي لايفارقه طوال اليوم، وأضافت، حاولت مرارا التعرف على البرامج التي يستخدمها أبنائي ولم أستطيع التعامل معها، فهي معقدة ولها عدة مراحل حتى يتم تشغيلها، وهو ما حدا بي إلى تخصيص وقت للعب لا يتجاوز الساعة يوميا. مشيرة إلى أنهم عادوا إلى سابق عهدهم في اللعب الجماعي، «ولكن بدت عليهم بعض التصرفات العدائية والغربية نحو الآخر». من جهته، حذر المختص التربوي صالح السماري من منح الطفل صلاحيات كاملة في استخدام الأجهزة دون متابعة والتقليل من معرفتهم بكيفية تشغيلها، وليس بإمكانهم تجاوز الشاشة الرئيسية والبرامج المحملة على الجهاز، فهو نافذة مفتوحة على العالم، يضع أمام الطفل ما لا يمكن تصوره، من مواد من أقصى الشرق لأقصى الغرب، ومن برامج تعليمية وألعاب ومعلومات ومواد مختلفة، منها ما هو مخصص للكبار فقط، كما يتيح له الاتصال مع ملايين الأشخاص المجهولين، وهو ما يعرض الطفل للوقوع فريسة أمام ضعاف النفوس، خاصة أن الكثير من الأسر خصوصا في عالمنا العربي لا يدركون خطورة هذه الأجهزة. ويضيف «لا يمكننا منع أطفالنا من استخدام مثل هذه الأجهزة، فكم من أهالي منعوا أطفالهم من البلاي ستيشن ليكتشفوا أنهم يلعبون به عند معارفهم، فيكون استخدامهم للجهاز بشكل خاطئ ودون رقابة، مما يجعل الأطفال يقعون في الضرر أكثر من المنفعة». وأبان السماري، «عند توفر هذه الأجهزة في المنزل لابد من وضع رقابة من حيث الوقت الذي يسمح في للأطفال للتعامل معها، إضافة إلى متابعة محتويات الجهاز بين حين وآخر ودرء من وصوله إلى مواقع مشبوهة وخادشة للحياء». وأكد اختصاصي التربية في حديثه: أرى أن هذه الأجهزة وسيلة تعليمية رائعة للأطفال يمكن الاستفادة منها كوسيلة داعمة في تعليم وتربية وتنشئة الطفل، فهي تقنية وغيره نستطيع تكييفها وتهيئتها كما نريد.