كشف وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للتطوير والتخطيط الدكتور عبد العزيز الملحم النقاب عن توجه لإقرار الاستراتيجية الوطنية للإعلام في المملكة، مشيرا إلى أن الوزارة بدأت في وضع الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية، رافضا الكشف عن المزيد من التفاصيل حول المشروع. وتوقع الانتهاء من الدراسة الشاملة للاستراتيجية في غضون عام تقريبا. ودعا المؤسسات الأكاديمية (الجامعات) والجهات الخاصة للمساهمة ومساعدة الوزارة بالأفكار والمقترحات للاستراتيجية الوطنية من خلال التقدم بالأفكار التي تثري المشروع. وقال في ورقته بعنوان «تحديات الموارد البشرية وأثر التدريب» في الجلسة الثانية في منتدى الإعلام الاقتصادي الخليجي «الواقع والتحديات» الذي تنظمه غرفة الشرقية بالتعاون مع اتحاد غرف التعاون، إن الإعلام يلعب دورا مهما في التنمية البشرية، كما تلعب التنمية البشرية والإدارية دورا حيويا في الإعلام، وفسر بذلك الوصول إلى حالة التوازن من خلال ورقة عمل قدمها بعنوان «تحديات الموارد البشرية وأثر التدريب». وأشار الملحم إلى أن الإعلام بجميع أشكاله يعمل على إيصال المعلومات والمعرفة إلى المجتمع والفرد والمنظمة على حد سواء على شكل رسائل مدروسة الأثر والتأثير والتقدم السريع، كما أن تقنيات الاتصالات قد سرعت من الوصول إلى هذه المعلومات. وأكد أن تطور الإعلام أصبح يرتكز على معطيين أساسيين هما التغير الجذري في وسائل الاتصال وتحول الإعلام من وسائل اتصال إلى وسائل تواصل، كما أن التطور العصري في منظومة الإعلام حوله من إعلام جماهيري إلى إعلام فردي وأصبح يواجه تحديات أبرزها: المهنية، الحرفية، الموثوقية، المصداقية، والتخصص والتدريب. وقال: تتطلب العملية التنموية لقطاع الإعلام خمسة عناصر رئيسة هي: الوقت، المكان، التقنيات، الفكر، والموارد، ونقص أي من هذه العناصر يؤدي إلى خلل في الوصول إلى النتائج المرجوة، وقد تواجه العملية التنموية بعض التحديات هي: الأيدلوجيات القديمة للإعلام، خوف صانع القرار الإداري من تفوق تابعيه عليه في مهارات التفكير والمعرفة وصناعة القرار وتقديم خطط تنمية فردية التأثير جماعية التطبيق دون أي تركيز على ترسيخ معاني ومفردات العلاقات البينية والمصالح الجماعية. وحين نركز على هذا التوجه نجد أن التكاليف العالية لتطبيق مثل هذه الخطط تحد من حيز الاستفادة. وحول ديناميكية الإعلام والتنمية، قال إن الفرد في السابق كان يذيع الخبر وبالتالي يؤثر على المجتمع الذي يسهم في العملية التنموية التي تعود على الفرد، والآن تغيرت الديناميكية فأصبح الفرد يستقبل من الإعلام ويؤثر في التنمية التي تؤثر في المجتمع، وبالتالي المجتمع يؤثر على الإعلام ما يشكل خطرا قويا مثل ما هو حاصل في المواقع المجتمعية على شبكة الإنترنت. من جهته، قدم الدكتور سعد بن طفلة أستاذ الإعلام في جامعة الكويت وناشر صحيفة الآن الإلكترونية خلاصة تجارب للعديد من الاستثمارات في مجال الإعلام الاقتصادي، إضافة إلى تجارب حية في الخليج من خلال ورقة عمل قدمها بعنوان «مقومات الاستثمار في الإعلام الاقتصادي الخليجي». وأوضح ابن طفلة بأنه رغم بدايات الإعلام الاقتصادي فعليا في منتصف السبعينيات وانتعاشها في الثمانينيات إلا أنها لم تستقل بعد كتخصص قائم بذاته، فما زالت مثل هذه الدراسات تابعة لكليات التجارة والاقتصاد وإدارة الأعمال وأقسام دراسة الإعلام أحيانا كما أن مصادر المعلومات فيها شحيحة، حيث إن المكتبة العربية لا تحوي كثيرا من المصادر، والدراسات في هذا المجال متركزة في دراسات التسويق بشكل أساسي. وحول أهمية الأخبار الاقتصادية قال إن الدول والمؤسسات الاقتصادية والمالية تهتم بأخبار الاقتصاد لأهميتها وحساسيتها، وتجرم قوانين دول كثيرة من ينشر أخبارا قد تضر بالاقتصاد الوطني، أو أي أخبار من شأنها الإضرار بالمصلحة التجارية أو بسمعة مؤسسة اقتصادية أو مالية أو حتى بسمعة رجال أعمال، لما يترتب على ذلك من أضرار اقتصادية بهذه المؤسسات أو الأشخاص. وقال إن معلقا رياضيا يمكنه أن يتحول إلى «خبير» اقتصادي بقرار من صاحب المؤسسة الإعلامية، فعدم التخصص في الدراسات الاقتصادية يؤدي لعدم القدرة على استيعاب الموضوع ونقله بشكل صحيح، فإذا قرأت نفس الموضوع باللغة الإنجليزية مثلا واللغة العربية تجد في معظم الأحيان أن النص الإنجليزي ناقل أفضل لما قيل وطريقة عرضه أكثر سلاسة وترابطا، والعائق اللغوي حيث إن معظم المصادر الثرية غربية وبلغات أجنبية، ويندر وجود المحرر الاقتصادي المتمكن من لغة حية والخلط بين الخبر الاقتصادي والتسويق واستغناء بعض المحررين من قيم المهنة الإعلامية وخضوع المحرر للمغريات الاقتصادية والترغيب من قبل الشركات، بالإضافة إلى تركيز الصحافة الاقتصادية العربية فقط على المواضيع العامة كالمشاريع الكبيرة ومشاريع الحكومات المختلفة غير المتصلة بشكل مباشر باهتمامات القارئ، كزيادة أسعار علف المواشي، أو ارتفاع أسعار الأدوية أو زيادة أسعار اللحوم، والمواضيع الخاصة هي قليلة ومتعلقة بقضايا مثل الجمعيات التعاونية وارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية اليومية البسيطة. واستطرد ابن طفلة في حديثه عن العوائق بأنه يندر أو ربما ينعدم في المؤسسات الإعلامية المختلفة، وجود أقسام متخصصة في مجال الاستثمارات الفردية، والخاص بتعريف القارئ بالفرص الاستثمارية الصغيرة، وأيضا غياب التحليل المتعمق في أداء الشركات المساهمة، والاكتفاء غالبا بالتقرير عن حالة هذه الشركات وأدائها دون الغوص في التفاصيل. وقال إنه يجب توافر عاملين مهمين هما: شفافية وحرية والصول للمعلومة وتدريب كوادر متخصصة في الإعلام الاقتصادي للنهوض بهذه الحالة. وفي آخر مشاركة في الجلسة، طرح عبد النبي بن عبد الله الشعلة رئيس مجلس الفنار للاستثمار في البحرين ورقة عمل تحدثت عن «التحديات والفرص التي تنتظر المستثمرين»، حيث أوضح أن الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية، أخيرا رسخت القناعة لدى المجتمع الدولي برمته بالدور المحوري الفعال للإعلام ووسائله المختلفة، ليس فقط في تعبئة وتوجيه الرأي العام وتحريك مساراته بل في صياغة مستقبل الشعوب ومصير الأمم فإلى جانب وسائل الإعلام المعروفة، المقروءة منها والمسموعة والمرئية، التي أصبحت تعرف الآن بالوسائل التقليدية، فقد طغت على الساحة بشكل بارز ومدهش وسائل الإعلام الحديثة المتمثلة في شبكات التواصل الاجتماعي كالمواقع الإخبارية، المدونات، الفيسبوك، البلوجر، التويتر، واليوتيوب وغيرها، وأثبتت هذه الوسائل بكل وضوح قدرة خارقة على خلق الأحداث وبلورتها ومتابعتها وتحديد حجمها ومداها والتواصل والربط بين محركيها ومتابعيها من كافة شرائح المجتمع ومكوناته وأطيافه، وبنمط لم تشهده البشرية في تاريخها من قبل مخترقة كل الحواجز والروادع والمعوقات والمحظورات. وقال الشعلة إن هذه النقلة النوعية الواسعة في تقنيات الإعلام ووسائله وأدواره جعلت مسألة الاستثمار في القطاع الإعلامي لا تنحصر في الجوانب المادية أو الربحية فقط بل تتعداها إلى الضرورات الاستراتيجية والمصيرية. لقد ولد هذا الواقع حراكا اقتصاديا غير مسبوق في القطاع الإعلامي وفتح آفاقا جديدة للاستثمار في هذا المجال.