لا يختلف اثنان في أن ما يحدث في سوريا هو خارج العقل وضد المعقول وأن ما يجري هناك داخل المدن والشوارع والميادين هو ضد كل ما هو إنساني وقانوني حيث تسيل الدماء زكية وطاهرة فيما يرى النظام السوري أن هناك مؤامرة دولية كبرى تقودها دول إقليمية وعالمية الهدف منها تفتيت التركيبة الاجتماعية والمذهبية المعقدة والبالغة الحساسية.. وإشعال نار الفتنة الطائفية في هذا البلد الذي يحمل خصائص تاريخية تلقي بظلالها على الحاضر.. بقوة.. ويتجلى ذلك في ضغط التاريخ على جغرافيا لها امتداداتها داخل دول الجوار.. والتي تضاءلت أي هذه الجغرافيا بعد «مكر التاريخ» كما يقول الفيلسوف الألماني هيجل وخداع ومخاتلة الجغرافيا نفسها. إن حل المشكلة السورية المعقدة يكمن في خروجها من دوائر السلطة المطلقة للدولة الشمولية وطغيان الفكر الواحد في بلد يتسم بالتعددية المذهبية والسياسية والاجتماعية وتعدد الحياة الثقافية والفكرية في مستوياتها وتجلياتها المختلفة من أجل صياغة مجتمع سوري قائم على مفهوم الدولة المدنية مرجعيتها الدستور.. أو الشريعة الإسلامية غير أن ما يحدث في سوريا يقوم على العكس إنه يقوم على تقوية النظام الأمني الذي يقف اليوم بقوة وبشراسة ضد الشعب وحيث تتحقق وتتصارع وتتصادم ثنائية دولة الأمن في مواجهة أمن الدولة. إن سوريا دولة مركزية في التاريخ العربي والإسلامي القديم والحديث معا نظرا لعمقها التاريخي وثراء وغنى هذا التاريخ حيث يتبدى حضور الدولة الأموية ثم حضور رموزها الكبار من الشعراء من بدوي الجبل وعمر أبو ريشة إلى نزار قباني وأدونيس وحضور مفكريها.. من ميشيل عفلق وزكي الارسوزي وياسين الحافظ وانتهاء بعلي أبو ياسين وبرهان غليون وصادق جلال العظم إضافة إلى العشرات من الشعراء والأدباء والروائيين والمبدعين والمفكرين والفنانين. إن سوريا تقع في بقعة جغرافية بالغة التعقيد حيث تقام ما بين إسرائيل والعراق وتركيا ولبنان وعلى حدود مفتوحة على كل الاحتمالات، لقد تحول فكر البعث فيها إلى حجاب كما قال بذلك الشاعر والمثقف السوري أدونيس وأن هذا الحجاب غطى على سوريا وحجبها عن العالم وهذا الفكر العقدي والمذهبي والديني المغلف بغطاء سياسي لا يمثل الحالة السورية وحدها ربما مثل دولا عربية وإسلامية أخرى حيث يغيب بالمطلق معنى الدولة الوطنية والحديثة كما نراها في النموذج الغربي ذلك أن الذهنية العربية مازالت حاضرة وطاغية في الواقع العربي والإسلامي، إن سوريا كموقع وإرث وتاريخ هي أكبر من الذين يحتلون واجهتها السياسية الآن ذلك أنها دولة لا يمكن اختصارها واختزالها في طائفة بعينها ولا ينبغي أن تحتكرها فئة سياسية بذاتها. إنها كبيرة بأرضها وسمائها وتاريخها العريق والعميق وكثيرة بأهلها ومبدعيها الذين يحملون العقلية الخلاقة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة