خارج مدرسة للبنات الصغيرات، ترى أوجها صغيرة مهشمة، تخاف وتترقب، تتلمظ وتلهث، تلوح عليها صفرة التعب والحذر، إذا يمكننا بسهولة تخيل ما يحدث داخل المدرسة: معلمة شرسة تعطي درسا وتعسفا وربما لفظة سوقية تخدش بها قلوبا بحجم كرة البيسبول، تثرثر ولا تنصت. سلطة عليا ذات نبر عتيق الطراز، تستفرد بجناح خاص في المدرسة، تصرخ وتسعل ولا تكف عن العقاب، وربما تطويح الصغيرات أرضا إن استلزم ذلك. طالبات فقط يأكلن ويزعجن ويمرحن ثم ينجحن ببراعة، لأنهن بالغات الحظ وأمهاتهن (أبلات) في ذات المدرسة. فناء به شبه دغل صغير وقليل من شجر الفلفل الأحمر وأشجار الليمون التي لا تثمر، ثم لا يسمح لهن باللعب إلا بمعدل ربع ساعة، وجوم وحملقة على لوح أخضر ممتلئ شخبطات طبشورية، وقد يكون لوحا أسود ومن يدري؟. لا لا، أظنه قد صار أبيض الآن، ثم يتبعه حشو معلوماتي غير جدير أن يلقن أصلا. عجوز عجفاء سقيمة توزع الطباشير الملونة على الفصول، وصغيرات يتلهفن لنيل واحدة منها، لكنها شديدة الغباء، شديدة السذاجة، تدير لهن ظهرها ولا تستجيب. حجرة مقاسها 6 في 6، تتبختر فيها ممرضة وسرير صغير في طرفها، الكل يتمناه، لكن مثل هذه الأماني صعبة التحقق فعلا، وربما مرضت طفلتان في نفس اليوم فمن ستظفر به؟. ممر طويل يضيء ضوء خافت، وفي آخره تسمع أصواتا وتيمات لا تميز، الاقتراب من الأصوات تعني المساءلة التي لن تنتهي، فهذه الفعلة تندرج تحت بند التجسس الطفولي غير البريء على سواليف (أبلاتهن). إذاعات صباحية بليدة لا تجلب سوى طنين الأذن والمزيد من الإزعاج والوقوف الساكن الصنمي الذي لا يرعى حقوق سيقان الصغيرات وأرجلهن في الراحة. تذكرت، الأكيد أن لديهن جرس الاستراحة، هذا النغم الذي نهواه لكن ما بال أوجههن عابسة، ومكهربة؟. لأن المدرسة يجب أن تفعل هذا كله، كل شيء يتغير إلا روتين المدارس، إلا رهاب المدارس. مادمنا واعين إلى حد التمام بما يحدث داخل الأسوار، (وهذا كله طبعا من واقع عشته أنا ولا أظنه تغير كثيرا)، فلم لا نقتحم المدارس وننصت لعتب الأطفال، وخوف الأطفال، وتعس الأطفال، وكره الأطفال للمدرسة التقليدية؟. [email protected]