اشتهر سوق عكاظ عند العرب كأهم أسواق العرب وأشهرها على الإطلاق، كانت القبائل تجتمع في هذا السوق شهرا من كل سنة، يتناشدون الشعر ويفاخر بعضهم بعضا، وقد أورد الخليل بن أحمد تفسيرا لمعنى كلمة عكاظ قائلا: (وسمي به لأن العرب كانت تجتمع فيه كل سنة فيعكظ بعضهم بعضا بالمفاخرة والتناشد .. أي يدعك ويعرك، وفلان يعكظ خصمه بالخصومة أي يمعكه). ولم يكن سوق عكاظ مكانا ينشد فيه الشعر فحسب، بل كان أيضا موسما اجتماعا قبائليا له دوره السياسي والاجتماعي الكبير، وكان عكاظ لقبائل العرب منبرا إعلاميا يجتمع فيه شيوخ القبائل بعشائرهم، وتعقد فيه مواثيق وتنقض فيه أخرى، كما كان السوق مضمارا لسباقات الفروسية والبراز، وسوقا تجاريا واسعا تقصده قوافل التجار القادمين من الشام وفارس والروم واليمن، ومنتدى تطلق فيه الألقاب على الشعراء والفرسان والقبائل وغير ذلك، ومنبرا خطابيا تقال فيه الخطب، وينصت له الناس، ومجلسا للحكمة تحفظ فيه الحكم وتسير بها الركبان ويتمثل بها الناس. ويعود تاريخ عكاظ إلى ثلاثة أو أربعة قرون قبل الميلاد وقد نشط في الفترة السابقة لظهور الإسلام، واستمر في عهد النبوة وصدر الإسلام أيام الراشدين وزمن بني أميه حتى سنة 129ه، حيث ثار الخوارج ونهبوه، وقد تأثر سوق عكاظ بتوسع الدول الإسلامية وانتقال مراكز الحضارة من الحجاز إلى دمشق ثم بغداد، حيث المدن الكبيرة، وبدأت الحياة الجديدة في الشام والعراق ومصر تجذب الناس إليها مع الاهتمام بالفتوحات مما أضعف الحاجة لسوق عكاظ ودوره التجاري خاصة.