يبرز «مسلم وافتخر» كأحد البرامج الدعوية التي حصلت على أعلى مشاهدة في رمضان الفائت، حيث اخترق برنامج «رحلة الغرائب» العقل البشري، وزار غابات العادات والتقاليد الغريبة التي لم يرها المشاهد بهذا الوضوح، كما يوضح ذلك معد ومقدم البرنامج محمد القايدي، مشيرا إلى أنها «رحلة، وما فيها من الذكريات أكثر من أن يحصى، سافرنا، تعبنا، ضحكنا، بكينا، وانتابتنا كل المشاعر الإنسانية»، موضحا أن البرنامج «ليس ساحة لعتاب المسلمين على تقصيرهم، ولا معركة لتبادل الشتائم والتهكم بيننا وبين الآخرين؛ بل مقارنة هادئة مطمئنة بين الإسلام وغيره، وموضوعية تركنا الحكم فيها للمشاهد». وقال القايدي: ذهبنا إلى نيبال وتجولنا في مدنها، فمن كاتمندو العاصمة إلى داكشنكالي إلى ماتاترتا إلى لمبني وغيرها من المدن، صعدنا جبال الهيمالايا وتجولنا في غاباتها، وصورنا مناظرها الخلابة، ووصلت قافلتنا إلى جنوب الصين، كما عرجنا على القاهرة وصورنا فيها لنخرج بوجبة دينية ثقافية وثائقية منوعة، لم نفكر نيابة عن أحد، ولم نقرر نيابة عن أحد، ولم نسخر من دين ولا معتقد». موضحا أن العمل والتحضير والإعداد والمونتاج للبرنامج استمر قرابة عام ونصف «لأننا احترمنا المشاهد غاية الاحترام، وأردنا أن نخاطبه بما يليق به وبوعيه». وحول طرائف الرحلة أوضح القايدي إحداها بقوله: أحضر لي مدير الإنتاج في نيبال فاتورة لبعض المشتريات فوجدت التاريخ المكتوب فيها 2056م، فظننت أن البائع يسخر منا، وتحدثت مع المنسق النيبالي المسلم فضحك وقال: هذا هو التاريخ النيبالي ويختلف عن الهجري والميلادي، قلت له: إذن أنتم متقدمون عن العالم ب 46 سنة، وكنا وقتها في شهر أبريل من عام 2010م. وأضاف القايدي: كانت رحلتنا الأولى إلى مكان حرق الموتى، الرائحة أصعب من أن توصف، رائحة أجساد تحترق، وكان هناك رجل مسؤول عن عمليات الإحراق (أسميته خازن النار)، ولكن الغريب أن الذي يقوم بعملية الإحراق في البداية هو أقرب الناس للميت، حيث يأخذون الميت في أول الأمر ليغسلوه من النهر الذي يصفونه بالمقدس، وبما أن النهر أوشك على الجفاف فإنهم استعاضوا عن غسل الميت بالكامل بغسل قدميه فقط وتبقى أقدامه في النهر ساعة أو أكثر ثم يأخذونه إلى مصطبة الإحراق، فيضعون تحته وفوقه أخشابا، تبدأ أسعارها من 70 دولارا إلى 4000 دولار حسب مكانة الميت وثرائه وحسب نوعية الخشب، ثم يضعون على وجهه مادة تساعد على سرعة الاشتعال، فيأتي أحد أبناؤه ويشعل النار في وجهه ويبقى الجسد الغض مشتعلا إلى أن يصبح رمادا، فيأخذون الرفات ويضعونه في آنية خاصة ويلقونها في النهر ويلقون عليها الحليب، كان المكان مليئا بالغرائب؛ إذ وجدنا أقواما تغني وترقص، وآخرين يبكون، سألناهم عن ذلك فعلمنا أن الراقصين المغنين يفعلون ذلك لطرد الأرواح الشريرة عن الميت، وأن الباكين يفعلون ذلك حزنا على ميتهم واستدرارا لرحمة الإله. نهر التوبة وتطرق القايدي إلى ما يسمى نهر التوبة عند الهندوس، موضحا أن التوبة عندهم لها موسم محدد ينتظره أصحاب الذنوب؛ مبينا أن «نهر الغانغ مقدس عند الهندوس يزعمون أنه ينبع من تحتي قدمي الإله فشنو (للهندوس ثلاثة آلهة رئيسية هي براهما وفشنو وشيفا)، فيأتيه الهندوس مشيا على الأقدام، ولكنه لا يفتح أبوابه إلا ثلاثة أيام في العام فقط، فيأتي الناس وتبقى الأبواب مغلقة إلى أن يأذن الكاهن الأعظم بفتحها، فيتدافع الناس لتقديم الأموال والنذور أولا ثم الاغتسال في نهر التوبة لينالوا مغفرة الذنوب، وهناك حفرة صغيرة يقصدها أصحاب الذنوب الكبيرة فيدخلون أيديهم فيها لتغفر ذنوبهم، ومن المواقف التي أضحكتنا كثيرا موقف طفل فقير يبدو الجوع على وجهه، جاء لمكان جمع النذور وسرق منها ليسد رمقه، ثم اتجه لحفرة أصحاب الكبائر فأدخل يده فيها واغتسل وذهب مطمئنا». عرج بعدها إلى مصانع الآلهة التي زارها فريق البرنامج، حيث قال القايدي: زرناهم ورأيناهم يصنعون آلهتهم بأيديهم ثم يعبدونها من دون الله، ومن الطرائف أننا أجرينا مقابلة في سوق الآلهة مع بائع الآلهة وسألناه عن عدد الآلهة التي باعها، فقال إنها كثيرة جدا، فقلت له: هل تصل إلى مليون إله؟ فضحك وقال مليون مليون، فاستدرك قائلا: ولكنها تفيد أصحابها، فقلت له: أنا أريد مليون دولار فأي واحد منها يستطيع أن يعطيني هذا المبلغ؟ فقال: هي تعطي القليل من المال، ثلاثين دولارا أو أربعين دولارا فقط، ويمكنها أيضا أن تعطيك بالعملات المختلفة كاليورو والروبية وغيرها أما المبالغ الكبيرة فلا، وهذا ذكرني بقول ويل ديورانت في قصة الحضارة في أن عدد الآلهة لدى الهندوس 30 مليون إله، وقول أحدهم كل شيء يعبد هناك إلا الله، وهو بالفعل ما رأيناه، غابة مقدسة، خنزير مقدس، بقرة مقدسة، قرد مقدس، كلب مقدس، كل شيء مقدس». وأردف القايدي بقوله: ما أصعب أن ترى حشدا من الناس يتجاوز ال 50 ألفا يأتون من كل حدب وصوب لتنصيب إلههم، أتعلمون ما هو هذا الإله؟ إنهم طائفة عباد العضو الذكري!، كنا هناك وصورنا قصتهم وهي قصة أشبه بالخيال، صنم على قمة من قمم الهمالايا يعبده الناس هناك وله قصة غريبة؛ عند الساعة الواحدة ظهرا كل يوم يخرج العرق من وجهه الحديدي، ولقد رأينا هذا الأمر بأعيننا ويبدو أنه نوع من السحر، وكل ما ذكرته جزء من قليل من الغرائب التي رأيناها». مقارنة بتجرد وحول أحوال المسلمين، فوصفها القايدي ب «المحزنة»، مشيرا إلى أن الإسلام عند أحدهم «خطبة يسمعها ظهر يوم الجمعة ولا يفهمها، وركعتين يصليهما خلف الإمام ولا يعرف ماذا يقول فيها وانتهى الأمر، هذا هو الإسلام الذي يعرفونه، ولو سألت أحدهم عن أركان الإسلام فإنه لا يعرفها، ولما سألت المشرف العام على الدعاة في نيبال أخبرني أن عدد الدعاة في نيبال كلها 17 داعية فقط فماذا سيفعلون؟».. وفي ختام حديثه عن رحلة الغرائب يقول القايدي: «تجنبنا أسلوب الخطابة المنبرية، بل اعتمدنا أسلوب المقارنات المهذبة المنضبطة بضوابط الإسلام، فما سخرنا ولا استهزأنا، بل قارنا بتجرد، ولا يخاف من المقارنة إلا الضعيف، وأحسب أني كداعية لو قلت للناس أحاديث وآيات كثيرة تحث على الصلاة فلن آتيهم بجديد، ولكني إن صورت رجلا يأتي من تايلند إلى نيبال، يركب الطائرة ويقطع الأجواء ويتكلف آلاف الدولارات، ثم يصعد جبلا شاهقا على قدميه ليصلي لإلهه، والمفاجأة أن إلهه الذي يصنع هذا كله ليصلي له هو خنزير؛ أحسب أني لو قلت لشاب مقصر في الصلاة لله سبحانه وتعالى: أنت أولى بهذا فإنه سيفكر ويراجع نفسه».