كل عام في شهر رمضان المبارك، يتجدد الجدل حول ما اصطلح على تسميتهم بالدعاة الجدد وبرامجهم الفضائية. في السعودية تحديدا، يحظى برنامج «خواطر» لأحمد الشقيري بالنصيب الأوفر من النقاش ما بين المنتقدين والمدافعين وهذا في حد ذاته دليل على شعبية البرنامج. يحسب للشقيري وغيره من الدعاة الجدد أنهم دعوا بشكلٍ عام إلى إحداث التغيير الإيجابي في المجتمع وجاؤوا في هذا الصدد بخطاب جديد موجه للشباب. لكن ثورات العام 2011م التي قادها الشباب وسط غياب تام لتأثير النخب بمن فيهم الدعاة الجدد، كشف بأن وعي الشباب العرب يسبق خطاب الدعاة الجدد بل وربما يسبق جميع خطابات النخب العربية بمراحل.. ولعل أحد الانتقادات التي لطالما طالت خطاب الدعاة الجدد بشكلٍ عام هو التبسيط الشديد لمشكلات المجتمع وحصرها أحيانا في ممارسات سلوكية سلبية يمكن تعديلها بإصلاح سلوك الفرد. فبرنامج خواطر مثلا عندما تناولت حلقاته اليابان قبل عامين لم يقدم أسبابا مقنعة تفسر التقدم الحضاري هناك والعوائق التي تمنع العرب من الوصول إليه فلم يتطرق مثلا إلى التغيير السياسي الشامل الذي خضعت له اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية والذي شكل القاعدة الحضارية التي تقف عليها اليابان اليوم. وحسنا فعل البرنامج هذا العام عندما حمل إشارات مباشرة وغير مباشرة تربط بين نهضة الأمم والديمقراطية خصوصا في الحلقات التي تم تصويرها في تركيا والنروج. فالواقع يخبرنا بأن تركيا لم تحقق هذا الرخاء الاقتصادي إلا بعد مضيها في عملية التحول الديمقراطي والنروج تصنف اليوم بالديمقراطية الأولى في العالم بحسب مؤشر الديمقراطية العالمي. إن الفساد والمشكلات التنموية والتعليمية والاجتماعية في العالم العربي هي مجرد أعراض لمرض غياب الإصلاح السياسي. الشباب في زمن الربيع العربي أكثر وعيا وعمقا وأي خطاب نهضوي لكي يكون فاعلا وصادقا لابد له من أن يتناول مسألة الإصلاح السياسي بكل شفافية.