الطفولة ذاك العالم السحري الذي يستدرجك للابتسام لحظة أن تتذكره حتى وإن شابته بعض مظاهر الشقاء، تبقى صوره نقية تشع صدقا مهما توالى الزمن أو عششت فيه حوادثه، اتخذ البراءة له عنوانا، ومن الطهر حاك جلبابه، أوجد في كل واحد منا مخلوقا صغيرا وأسماه طفلا، لا يكبر كما نكبر، ولا يعتريه التغيير الذي يعتري بني البشر، يرعاك وأنت لا ترعاه، تستحضره كلما دعتك الحاجة للتمتع بسحره فيرسم ابتسامة صافية على محياك، وربما استرد لك فرحة طالما تمنيت أن تأتيك.. هذا الكائن الذي تأوي إليه عندما تثقل صدرك الهموم فيداويها، أو إذا دثرتك وحشة الطريق فيصاحبك، أو إذا أدمعت عينك الصروف شرب دمعتك.. هذا الكائن الجميل الذي نسميه طفلا أليس له حق الوفاء منا؟ إن أطفالنا اليوم يتعرض عالمهم الرباني هذا لغزو من كل حدب وصوب بغية تشويهه أو ربما الهبوط به من عليائه إلى أدنى نقطة انحدر إليها إنسان هذا العصر، إما من إعلام ممنهج ومنظم همه الأكبر الكسب المادي، أو على أيدي أفراد شذوا عن فطرتهم السليمة فاستحالوا وحوشا بشرية استهدفتهم كفرائس لها مستغلة تلك البراءة والنقاء أو غياب المربي والراعي عن حياتهم. إن علينا جميعنا سواء كنا أفرادا أو جماعات أو مؤسسات واجبا إنسانيا وشرعيا ووطنيا بأن نجد في حماية أطفالنا من هذه العاصفة الهوجاء التي تحمل ألوانا من الأدواء والأوبئة التي لن يدفع ثمنها سوى أطفالنا حاضرا وبلادنا وأمتنا مستقبلا. يليق بنا جميعا أن نضع أيادينا في أيادي كل العاملين من أجل الطفل وحماية الطفولة.. أحبك يا ولدي. أسماء الهاشم