دخل الحرم المكي الشريف على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز البارحة الأولى فجرا جديدا من حيث السعة والإنجاز. فالعمران من يحدد وجه حضارة الشعوب، فكيف بعمران المسجد الحرام الذي تعاقبت على تطويره وتوسعته الدول الإسلامية طوال 14 قرنا منذ شروق شمس الإسلام. وحمل المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود وأبناؤه على مدار قرن من الزمان لواء التوسعة والتطوير في المسجدين المكي والنبوي الشريفين، آخرها تأسيس توسعة البارحة التي ستزيد طاقة المسجد الاستيعابية. وتمتد التوسعة في الحرم المكي التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مكةالمكرمة البارحة، على مساحة تقدر ب 400 ألف متر مربع، وبعمق 380 مترا، وستضاعف الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام، بما يتناسب وزيادة أعداد المعتمرين والحجاج والزوار في كل عام بما يساعدهم على أداء نسكهم بكل يسر وسهولة، وفقا لأساليب حديثة وعصرية تعتمد على أرقى التصاميم المعمارية. وتبدأ التوسعة من شارع المسجد الحرام شرقا، وتتجه على شكل هلال حتى شارع خالد بن الوليد غربا في الشبيكة، وشارع المدعى وأبي سفيان والراقوبة، وعبدالله بن الزبير في الشامية، إضافة إلى جزء من جبل هندي وإلى شارع جبل الكعبة. وقسمت الجهة المنفذة المشروع إلى ثلاثة أقسام؛ إذ يهدف القسم الأول إلى توسعة مبنى الحرم المكي بقصد استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين ليصل إلى مليوني مصل في وقت واحد، فيما يهدف القسم الثاني إلى توسعة وتطوير الساحات الخارجية للحرم المكي التي تضم دورات مياه وممرات وأنفاقا، إضافة إلى مرافق أخرى مساندة، لتسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام. بينما يهدف القسم الثالث إلى تطوير منطقة الخدمات التي تعد أحد أهم المرافق المساندة التي تشمل محطات التكييف ومحطات الكهرباء، إضافة إلى محطات المياه وغيرها من المحطات التي تقدم الدعم لمنطقة الحرم. ويوفر مشروع التوسعة منظومة متكاملة من عناصر الحركة الرأسية متمثلة في سلالم متحركة وثابتة، ومصاعد نفذت باتباع أدق معايير الاستدامة عبر توفير استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، بحيث تم اعتماد أفضل أنظمة التكييف والإضاءة. وكانت أمانة العاصمة المقدسة أعلنت على لسان وكيلها للتعمير والمشاريع ورئيس لجنة تطوير الساحات الشمالية المهندس عباس قطان، عن انتهاء المشروع بعد 270 يوما، أي منتصف العام المقبل، وسيتمكن المسجد الحرام حينها من احتضان مليوني مصل في وقت واحد. بينما يبلغ ارتفاع ساعة مكة 600 متر، وتضاء أثناء الآذان أعلى قمة الساعة ب 21 ألف مصباح باللونين الأبيض والأخضر، ويمكن رؤيتها من مسافة تصل إلى 30 كيلو مترا، وتساعد الألواح الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية لتشغيل محركات الساعة. إضافة إلى اعتمادها على الشبكة الكهربائية العامة في العاصمة المقدسة، وتغطي واجهتها 98 مليون قطعة من الفسيفساء الملون، وتضم 76 مصعدا، وسيضم البرج متحفا إسلاميا، ومرصدا فلكيا يستخدم للأغراض العلمية والدينية. ووضعت الشركة المنفذة لمشروع ساعة مكة الأعلى ارتفاعا على مستوى العالم، نظام حماية متكاملا ضد العوامل الطبيعة (أتربة، رياح، أمطار)، كما يعد مجمع ساعة مكة الأكثر تطورا في العالم على صعيد التقنية، إذ يبلغ حجم أسلاك الألياف البصرية أكثر من مائة ألف كيلو متر.