يقول مؤلف كتاب (معضلة الاختيارات) بيري شورتز أن الاختيارات الكثيرة التي وفرها لنا التطور التقني والعلمي في عالمنا الحديث لم تزد الناس حرية، بل زادتهم عجزا، تذهب إلى السوق لشراء هاتف أو تلفاز فتجد أنواعا عدة، أو لربما تتقدم إلى وظيفة فتجد وظائف مختلفة بمميزات عدة أيضا، أو تتقدم إلى الجامعة فتجد تخصصات عدة وهنا تكمن الحيرة وتبدأ معضلة الاختيار. وحتى يتخلص الفرد من هذه الحيرة يذهب البعض إلى كثرة الاستشارة، عله يجد ملهما ليصل إلى قرار يرضي طموحه، وكلما زاد عدد الاختيارات ارتفع مستوى التوقعات وهو ما يؤدي حسب رأي المؤلف إلى زيادة مستوى الإحباط النفسي في حال الوصول إلى الخيار (غير الأنسب). وحينها لك أن تتخيل مستوى الانعكاسات النفسية التي تتركها هذه العملية الذهنية العاطفية على أداء الإنسان في عمله وحياته الاجتماعية. إن قضية الاختيارات هي قضية يومية نعايشها مع زملائنا في العمل إخوتنا وأصدقائنا بل وأطفالنا ويتوق الجميع فيها إلى (النجاح)، وهو ما لا أتفق معه، حيث إن المسألة في الاختيار مسألة نسبية أكثر منها فشلا أو نجاحا، لذا فلنسمها الاختيار الأنسب وغير الأنسب. فحقيقة حين يتحدث أحدنا نادما على اختيار قام به في الماضي فهو يتحدث عن مرحلة مابعد الاختيار، وهي مرحلة الاختيار الآخر!!. ختاما، فلنتخيل هذه الحياة حقلا من الورود فيه ألوان عدة وأشكال متنوعة فلنتأملها بهدوء وفق معطيات الحاضر واستشراف احتياجاتنا قبل أن نقرر. وإن بدا لنا مستقبلا بأن هنالك ما هو أنسب فإن الحقيقة أن الاختيار الأسبق لم يكن فاشلا بقدر ما أن معطيات الحياة الجديدة أثرتنا ببدائل أخرى جعلتنا نتوق للقيام بخيار جديد!. اختياراتك في الحياة تبنيها وفق إمكاناتك ومعتقداتك وميولك العاطفية، إضافة الى الظروف الزمانية والمكانية واحتياجاتك الحالية والمستقبلية. فهد أحمد عطيف أكاديمي وكاتب سعودي باحث في لغويات الإعلام