قرأت لكم مقالا في جريدة عكاظ من مدة عن العنف ضد النساء والأطفال، والحقيقة أن هذا المقال بقدر ما كان يتسم بالموضوعية، إلا أنه أبكاني، وكأنه نكأ جرحا قد حاولت تجاهله منذ مدة طويلة، لأنني واحدة من ضمن النساء الضعيفات اللاتي قد تحدثت عنهن، وضعفي هذا لا يعني أني لست بلا وظيفة أو مال أو أهل يدافعون عني بل بالعكس أملك أكثر من ذلك، ولكن ضعفي كان ناتجا عن ارتباطي برجل اخترق حياتي ودمرها كفيروس، ونتج عن ذلك وجود أطفال (لي ولدان صغيران) وهما كذلك مثلي ضعيفان وموقفنا كذلك الآن ضعيف لأني وقتما حاولت لملمة نفسي والتظاهر بالقوة، استيقظ صوت في داخلي يشعرني بالإثم لأني أحرم ولدي من أبيهما هكذا تعشعش الفكرة في رأسي ولا تتركني، ثم أتصور أحيانا بعض التصورات التي يوحي بها الناصحون لي، إنني لن أقوى على تربية ولدي بمفردي كيف إذا وصلا لمرحلة المراهقة أو ما شابه الانفصال ليس نهائيا، ولكني مكثت عند أهلي أكثر من سنة، وتمتع أولادي بصحة نفسية جيدة ولله الحمد، وقد قطعت على نفسي تقريبا كل الطرق التي تعيدني لذلك الرجل، ولا أخفيك حتى على الأولاد لأنه في نظري لا يستحق أن يكون أبا، أرجو أن ترد على رسالتي لأنني أريد سماع صوت محايد. ( س، ت،غ) في أكثر من مقال كتبته في هذه الصحيفة عن أمثال هؤلاء الأزواج بعنوان: «السفه الأبوي» تحدثت فيها عن أهمية الرعاية الوالدية للأبناء ودعوت إلى حرمان أمثال هؤلاء الآباء من رعاية أبنائهم طالما تحولوا إلى مصدر للأذى قياسا على الحجر الذي يبيحه الشرع على السفيه الذي لا يحسن التعامل مع المال، لأن الأبناء أكثر أهمية من المال، فهم أفضل استثمارا لوالديهما سواء في الدنيا أو في الآخرة، وما أود التأكيد عليه هنا أن العنف ضد المرأة والطفل ليس شرطا أن يكون بدنيا، فالصنف من العنف الأكثر شيوعا هو العنف النفسي والمعنوي، المتمثل بالشتم والتهزيء والحط من القيمة، وعدم التقدير والاحترام وعدم الإنصات سواء للزوجة أو للأبناء، أما الصوت الذي تحرك بداخلك والمتمثل في خوفك من أن ينشأ أبناؤك بلا أب أو ينشأون أيتاما ووالدهم حي فمسألة تحتاج لنظر، لأن حاجتهم لأب يرعاهم ستزداد كلما تقدموا في العمر، والبت في مثل هذه المسألة يتطلب الإنصات لك ولزوجك، وتقييم الموقف على الطبيعة ومعرفة الأسباب التي تدفع زوجك لمثل هذا السلوك الذي تصفينه وتتألمين منه، لذا ليس من الحكمة اتخاذ قرار عنك وعبر الصحيفة وإنما الأنسب والأحكم أن تذهبي معه أو أن يذهب كل منكم على انفراد إلى استشاري أسري لمساعدتكم في اتخاذ القرار الأفضل، وربما استطاع الاستشاري أن يساعده على تجاوز أزمة يمر بها، أو يصلح خللا يعاني منه، ومكوثك سنة عند أهلك كاف لجعله يشعر بأهمية أبنائه وزوجته وأن يتخذ قرارا يحاول فيه إصلاح ما فسد من هذه الحياة، أما إن كان ساهيا سادرا غير مكترث بك وبأبنائك فلاشك أنه ربما كان بتره أفضل من إبقائه، إلا أن الأمر يتطلب مراجعة استشاري أسري قبل اتخاذ أي قرار.