لم تستهو الشمس المشرقة في مدينة يعز فيها النهار، إبان ساعات مفتتح أغسطس في بورتلاند، ولاية أوريغون الأمريكية، ولم تك الحدث المستغرق في التمتع به بالنسبة للطلاب السعوديين الذين يعيشون في ولاية بردها قارس، بل شغلهم تجاذب الحديث عن صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز وتعيينه مستشارا للنائب الثاني مساعدا لوزير الداخلية للشؤون العامة، وقد ارتاد يوما مدرجات المحاضرات التي يؤمونها يوميا في حرم جامعة بورتلاند. الأمير الذي غادر ولاية الشمال الشرقي الأمريكي حاملا شهادة الاقتصاد والإدارة، عائدا إلى وطنه منتصف عام 1978 لينذر نفسه ومكتسباته الأكاديمية إسهاما في بناء الوطن، استشرف ونمت ملكاته في مدرسة والده صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والتي استقى منها فنون ضروب الحياة وثوابت الإدارة. وفي معهد العاصمة النموذجي المعقل التربوي المتميز في الرياض، ترعرعت رؤى الأمير سعود بن نايف ليستهل حياته العملية في أروقة الرئاسة العامة لرعاية الشباب. خرج الأمير سعود من الرئاسة في استراحة لم تدم طويلا عائدا إلى خدمة الوطن من بوابة الحكم المحلي نائبا لأمير المنطقة الشرقية في العام 1412ه، وبقي سندا إلى جوار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية 11 عاما، واكتسب خبرة متراكمة في الحكم المحلي. وانتقل الأمير الشاب إلى مدرسة إدارية جديدة لقيادة عمل دبلوماسي خارجي سفيرا للمملكة في إسبانيا، موالفا بين مجالين مختلفين في الإدارة. وبرصيد زاخر بالخبرات العلمية والعملية المكتسبة من ميادين شتى، عاد الأمير سعود بن نايف إلى الوطن ليشغل بأمر ملكي موقعا جديدا يطبق فيه أسلوبه الإداري المعروف بالحسم والحلول الآنية الناجعة، إذ عين مستشارا للنائب الثاني مساعدا لوزير الداخلية للشؤون العامة بمرتبة وزير. عندما يطرح السؤال عن الأمير سعود وشخصيته، يجيب اللصيقون به بأنه «دقيق في مواعيده، بل ويأتي قبل الموعد بدقائق»، وهي المعلومة الموثقة عن مستشار النائب الثاني حتى في موسوعة «ويكيبيديا» الشهيرة على شبكة الإنترنت. وجود الأمير سعود العائد من أوروبا إلى وزارة الداخلية المؤسسة التي شهدت في الأعوام الأخيرة تطورا إداريا وتقنيا من شأنه أن يعزز بحسب المراقبين مضمونا أشمل لعمل منظومة الوزارة التي تشهد نموا متسارعا على مستويات عدة، إذ من المتوقع أن توكل إلى الأمير سعود ملفات جوهرية ومهمة، فضلا عن اضطلاعه بأدوار رئيسة كمستشار للنائب الثاني ومساعد لوزير الداخلية، في ظل تأكيدات بأن الأمير سعود يقضي وقتا طويلا في الاطلاع على ملفات مهمة في الوزارة حاليا، ما يشير إلى أن مرحلة قراءة الوضع وتمحيصه ومن ثم الخروج بنتائج ناجعة، ستكون أقصر من المتوقع. وقياسا على التجربة الأمريكية التي يعتبر الأمير سعود واحدا من معاصري ذروتها في السبعينيات الميلادية، فإن المدرسة الإدارية الأمريكية تقول إن من أهم عوامل نجاح المسؤولين الحكوميين في الولاياتالمتحدة، الخبرة في القطاعين الخاص والحكومي معا، مع دراية عميقة بالعلاقات الخارجية، وجميعها تجارب خبرها وتمرس في دواوينها مستشار النائب الثاني المعين حديثا. ويظل رهان العارفين بالأسلوب القيادي للأمير سعود بن نايف المتكئ على العمل المؤسساتي المنهجي بعيدا عن الفردية، والاستفادة من أصحاب الخبرات المتنوعة كفريق عمل يحيط به، بينما تبقى المزية الأكثر أهمية لدى الأمير سعود، هي تبني أساليب العمل المدني ضمن مسارات تتوازى تماهيا مع المنهجيات المهنية الأخرى.