نسمع ونقرأ كثيرا عن ظاهرة التصحر التي أخذت تغزو العالم حتى بات متصحرا ما يقارب ثلث مساحة الكرة الأرضية، والتصحر يقصد به ما يصيب الأرض من جفاف بسبب سوء التعامل مع البيئة الطبيعية فيختفي منها الغطاء النباتي تدريجيا، وتنحسر مساحات الرعي وتتعرى التربة، وتتكون الكثبان الرملية نتيجة زحف الرمال، وتبعا لذلك تأخذ الكائنات البيئية من حيوانات وغيرها بالتناقص التدريجي الذي قد ينتهي إلى اختفاء الحياة الفطرية من البيئة. ومن هنا يضحي من المهم الحفاظ على الحياة الفطرية بكائناتها النباتية والحيوانية وذلك بتقديم الحماية لها وتأمين بيئة طبيعية صالحة للبقاء. وفي بلادنا عمدت الجهات المعنية قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما إلى إنشاء هيئة مختصة للقيام بذلك الواجب وحمل مسؤولية الحفاظ على الحياة الفطرية، عرفت باسم (الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية)، وكان أول أمين عام لها هو الأستاذ الدكتور عبدالعزيز حامد أبو زنادة. بالنسبة لي، بقيت زمنا طويلا أسمع عن تلك الهيئة لكني لا أعرف كثيرا عن إنجازاتها. ولم أكتشف عمق جهلي بإنجازات هيئة حماية الحياة الفطرية إلا الأسبوع الماضي بعد أن اطلعت على كتاب يروي بالتفصيل تاريخ إنشاء تلك الهيئة ومراحل نموها وما قدمته من إسهامات وما أثمرت من عطاء. خلال الأيام القريبة الماضية تفضل الدكتور عبدالعزيز حامد أبو زنادة فأهداني مشكورا نسخة من كتابه (المسيرتان: الجامعة والحياة الفطرية)، وهو كتاب أراد به أن يكون سيرة تحمل أبرز ملامح حياته العملية في المجال الأكاديمي والإداري أثناء عمله في الجامعة ومن بعدها عمله في الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية. والكتاب يحتوي أبرز المعالم في حياة صاحبه بدءاً من صباه ومراحل دراسته وبدايات دخوله الحياة العملية ثم انغماسه في العمل الجامعي ومن بعده العمل في الهيئة، مع بعض الصور الفوتوغرافية الجذابة عن تلك المراحل من حياته. لكن أكثر ما يميز الكتاب كونه بدا مرجعا توثيقيا عن تاريخ الهيئة وإنجازاتها ونشاطها منذ بداية تأسيسها عام 1406 إلى أن غادرها المؤلف عام 1427. وقراءة الكتاب ممتعة فهو مكتوب بلغة بسيطة تلقائية ومزود ببعض الصور الجميلة للحيوانات التي يرد ذكرها وكانت موضع اهتمام الهيئة لحمايتها والمحافظة عليها مثل طيور الحباري والنمر العربي والنعام العربي والضويحي والوعيل وغيرها. كما أن الكتاب يقدم معلومات أظنها جديدة على كثير من الناس مثل تطبيق الهيئة للبصمة الوراثية في تحديد السلالات المختلفة من الغزلان العربية وغيرها، وكذلك في تحديد ما إن كانت عربية أصيلة أو مهجنة. ومثل عمل الهيئة على الحفاظ على النقاء الوراثي للسلالات بتعمد الفصل بين أنواعها المختلفة تجنبا لوقوع التزواج بينها وضياع نقاء السلالة وأصالتها. أهنئ المؤلف الكريم على صدور كتابه القيم هذا، وأراه يشبع احتياجات المؤرخين والباحثين من المعنيين بالبيئات الفطرية. فاكس: 4555382-1