وجه والي ولاية جنوب دار فور عبدالحميد موسى كاشا أصابع الاتهام صراحة إلى النظام الليبي مؤكدا أنه لعب دورا كبيرا في دعم الحركات المسلحة الدارفورية. وقال في حوار مع «عكاظ» تم خلال رحلة جوية من الخرطوم إلى دارفور، أنه في حال سقط نظام معمر القذافي سينقطع الدعم نهائيا عن تلك الحركات في ظل تحسن علاقات السودان مع دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى، مستبعدا تورط دولة الجنوب في تقديم دعم لها. ورأى أن قرار زعماء حركات دارفور بيد الدول الغربية التي تؤويهم. وفيما يلى نص الحوار: • كيف تقرأ مستقبل إقليم دارفور في ضوء اتفاق السلام الأخير الموقع في الدوحة، وتشكيك بعض الحركات الدارفورية في جدواه؟ يظل الأمل معلقا في السلام، لأن الصراع في دارفور طال واستمر منذ سنة 2003م، وبذلت دول عدة مساعيها من أجل تحقيق السلام. ورغم توقيع اتفاق الدوحة أتفق معك أنه لم توقع عليه كل الحركات المسلحة، لكننا نحسبه خطوة إلى الأمام، خاصة وأنه أغلق كثيرا من القضايا، وأقنع أهالي الإقليم في الداخل، من اللاجئين والنازحين ومنظمات المجتمع الوطني بضرورة توقيع اتفاقية سلام، لأن الحرب ما عادت هي العامل الوحيد لحل المشكلة. وما زلنا نناشد الحركات التي رفضت التوقيع ضرورة الاستجابة لنداء السلام. • هل تتوقعون استجابة من قيادات تلك الحركات؟ استجابتهم أو عدم استجابتهم تعتمد كليا على مصداقية الدول الغربية، لأنهم في حضن بعض دول الغرب. فإذا كانت هذه الدول حريصة على السلام في الإقليم وابتعدت عن «الأجندة الخفية» التي تضمرها للسودان، ومارست أي نوع من الضغوط تجاه خليل إبراهيم وعبدالواحد نور ومني أركو مناوي، سوف ينصاعون للسلام، بينما لو ظلت تؤويهم، وتقدم لهم الدعم والإمدادات «اللوجستية» المختلفة فلا شك أنهم لن ينصاعوا للسلام. وخلاصة الحديث أن الأمر ليس بيدهم هم بيد تلك الدول. • ما هي هذه الدول؟ هي فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة. • في رأيكم، ما الهدف الذي تسعى لتحقيقه في دارفور؟ هذه الدول سعت بكل ما تملك لاقتلاع النظام القائم الآن في السودان من جذوره بسبب نزعته الاستقلالية. وهو غير مقبول منها. وتسعى الدول الثلاث «أمريكا وبريطانيا وفرنسا» منذ حرب الجنوب لتفتيت دولة السودان. وتوصلت في المرحلة الأولى إلى فصل جنوب السودان، وتعمل الآن في المرحلة الثانية على إسقاط النظام بإيواء الحركات المسلحة في دارفور، وتعمد إلى إسقاطه من خلال الأطراف كالجنوب ودارفور، ولو أنها حرصت على السلام لمارست الضغط على الحركات الدارفورية. • لكن هناك دول إسلامية كثيرة لا تعتبر هدفا لهذه الدول لتفتيتها كما في السودان، فلماذا التوتر في السودان وحده؟ - نعم صحيح، فإسلامية النظام ليس سببا رئيسا، لكن السودان مستقل بقراره، ولا يسمح للدول الغربية بأن تمرر عبره بعض الأجندات. ولذلك هي تتدخل في شأنه الداخلي، للنيل من كثير من موارده والاستثمار على أرضه مع أنه يمكن أن يتحقق لها الاستثمار في إطار فهم مشترك، وشراكة ذكية ما بين الحكومة السودانية والشركات المستثمرة. • إلى أي مدى يصدق القول بأن انفصال الجنوب سوف يحفز الحركات المسلحة في دارفور لتصعيد مطالبها نحو تحقيق انفصال الإقليم؟ لا مقارنة بين الجنوب ودارفور، فالحركات المسلحة لا تمثل أهالي دارفور، والغالبية من الأهالي مع السلام. صحيح أنها حركات استخدمت لغة السلاح، ولغة الأرض من الدول الخارجية، واستمدت الدعم من الدول المجاورة خاصة ليبيا، فهي وجدت مناخا ملائما للتحرك مع مشكلة الجنوب، لكن لم يعد ذلك ملائما الآن، ولا سيما بعد المشاكل التي يواجهها نظام معمر القذافي داخل دولته كون هذا النظام قد لعب دورا رئيسا في دعم الحركات المسلحة، وإذا سقط النظام فسينقطع الدعم عنها تماما، في ظل تحسن علاقاتنا مع دول الجوار الأخرى، مثل تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى. ولن يكون بمقدور هذه الحركات أن تراهن على دولة جنوب السودان، لأن الجنوب لن يدخل في أي محاولة لإيواء أو دعم أي حركة من دارفور، لأن ذلك يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي للسودان، لذا سيكون الجنوب حريصا على تعزيز العلاقات الثنائية، وإقامة مصالح مشتركة، والحفاظ على السلام بين الدولتين. • جنوب دارفور من الولايات الواقعة على الحدود مع دولة جنوب السودان، ألا يشكل ذلك قلقا لكم؟ ليس هناك قلق بقدر ما هناك مصالح مشتركة، في الحركة التجارية والزراعية والصناعية. وقد تتطور إلى اتفاقيات استثمار، لوجود قبائل حدودية وتجمعات سكانية لم تنقطع علاقاتها مع الشمال منذ أن كانت الحرب قائمة مع الجنوب، وقبائل رعوية متداخلة مع الجنوب أيضا، خاصة في جنوب دارفور وجنوب كردفان وشمال وغرب بحر الغزال، وهذا ما يدعونا لأن نعمد في المرحلة الراهنة إلى إقامة علاقات مع الجنوب تقوم على حسن الجوار. • إلى أي مدى تشكل الحركات المسلحة لكم إزعاجا أمنيا؟ مصدر الإنزعاج الآن هو الحركات المسلحة، فهي التي تقطع الطرق، وتستهدف القوافل التجارية، خاصة التي تفد من العاصمة الخرطوم لإمداد الإقليم بالمؤن الغذائية والمواد الطبية. ففي الستة أشهر الأخيرة كانت حصيلة عملياتها قتل أكثر من 50 جنديا من قوات الاحتياط المركزي ونحو 75 جريحا، ولن نصمت حيال التهديد الأمني الذي تشكله، حيث تم في الأسبوع المنصرم تكثيف حركات التطهير في نواح متعددة داخل الإقليم، خاصة في نقاط تمركزهم في جبل مرة. ولم يعد هناك شيء اسمه وجود أمني للحركات يحتل مساحات وأراضي في دارفور أو على الحدود مع الجنوب. • التقيتم رئيس الجمهورية خلال زيارتكم للخرطوم، فأين انصبت توجيهاته؟ بالفعل التقيت الرئيس بحضور نائب ومساعد الرئيس. وانصبت توجيهاته في ضرورة خلق سلام اجتماعي مع القبائل، وتعايش سلمي، والاهتمام بالتنمية، وحسن إدارة الولاية، وتعزيز العلاقة مع المسؤولين في الحدود مع دولة الجنوب.