أبحرت في غفوة مفاجئة ورأيت فيما يرى النائم أنني أمتلك عشر شاحنات محملة بأكياس الشعير والناس من حولي يهتفون: (تكفى يا وجه الخير لا تنسانا ترى لنا ثلاثة أيام ماسكين سرا) ولكن هذا الحلم الجميل أفسده اتصال هاتفي من رقم لا أعرفه وما أن نطقت بكلمة (ألو) حتى بدأ الشخص الذي على الطرف الآخر في سرد أحداث (الكونغ فو) التي جرت بين الفتيات الحالمات بالحصول على مقعد دراسي في جامعة أم القرى وموظفات الجامعة، فسألت الشخص الذي لم أعرف اسمه بعد: (طيب وش صار على جامعة الطائف مافيه عروض كراتيه هالسنة ؟!). بالنسبة لي لا تبدو مثل هذه الأخبار غريبة أبدا حيث أتلقى بشكل شبه يومي رسائل واتصالات تشرح لي غرائب وعجائب في جامعتي أم القرى والطائف وهي رسائل تتنوع مشاكل أصحابها بخلاف الرسائل المتعلقة بجامعة الملك عبدالعزيز التي يركز أصحابها على قضية الرسوم وأن جامعتهم مثل المنشار (طالعة واكلة.. نازلة واكلة)، وبرغم أنني كثيرا ما أعد طلاب جامعة أم القرى وبعض موظفيها بتناول المواضيع التي يتحدثون عنها إلا أنني سرعان ما أتجاهل الأمر لأنني (زهقت) من الحديث عن مشاكل هذه الجامعة وكذلك (زهق) الأخوة القراء من تكرار الحديث عنها.. وكذلك الحال بالنسبة لجامعة الطائف. من السهل جدا أن نوجه اللوم لخريجات الثانوية العامة في جامعتي أم القرى والطائف وندين تصرفهن (الهمجي) الذي لا يليق بالكائنات الناعمة، ولكن لو جلس الواحد منا تحت لهيب الشمس عدة ساعات لفقد عقله وأصبح قياسه للأمور مختلفا جدا عما هو عليه الآن وهو يتمتع بنعمة التكييف، لذلك قبل أن ندخل في الموضوع يجب أن نعرف ما هو السبب الذي يدفع الجامعتين للتعامل بأسلوب (الشواية الطبيعية) مع فتيات في مقتبل العمر.. هل يعقل أن هاتين الجامعتين لا تمتلكان قاعات كافية ؟، وإذا كان الأمر كذلك لماذا لا تستأجر قاعات لهذا الغرض فقط أو تتعاون مع المدارس لاستقبالهن على دفعات، أو تنظم مواعيدهن بحسب الأحرف الأبجدية أو نسب القبول ؟!. كلنا نتذكر معركة (ذات المكانس) التي شهدتها جامعة الطائف في العام الماضي بين المتقدمات للجامعة والموظفات وكلنا نعرف المشكلات التي لا تنتهي في جامعة أم القرى سواء في مسائل قبول طالبات الثانوية العامة أو حتى في الدراسات العليا.. ولأن المثل يقول: (مافيه دخان من غير نار) فإن وزارة التعليم العالي ملزمة بنبش أوراق هاتين الجامعتين والتحقيق في الاتهامات المستمرة التي يرددها الناس حول تفشي الواسطة والمحسوبية والعنصرية في هذين الصرحين الأكاديميين، أنا لا أقول بأن هذه الاتهامات صحيحة ولكن التأكد من هذه المسألة أصبح واجبا بعد أن كثرت الشكاوى وتكررت المشاكل في هاتين الجامعتين. وأخيرا أعود للتأكيد بأن اشتباك الطالبات مع موظفات الجامعة أمر غير مقبول.. ولكن تخيلوا حالة فتاة قضت أجمل سنوات العمر وهي تدرس من أجل الوصول إلى المقعد الجامعي وبعد أن حصلت على نسبة تتجاوز ال90 بالمائة وتجاوزت اختبار القياس تعرف أن الجامعة أغلقت باب القبول قبل موعده المقرر بعدة أيام.. إنها صغيرة أحرقتها الشمس والظروف القاهرة.. فلو كانت أكبر قليلا لما فعلت كل ذلك خصوصا وأنها ستمر بسيناريو أشد قسوة بعد التخرج !. [email protected]