وصف وزير الخارجية اليوناني ونائب رئيس البرلمان الأوروبي الأسبق ستافروس لامبرينيديس المملكة بأنها محور استراتيجي هام لاستقرار المنطقة. وثمن في حوار أجرته معه «عكاظ» الدور السعودي الإيجابي لحل أزمة اليمن والحفاظ على وحدة أراضيه. ودافع عن موقف بلاده حيال «أسطول الحرية 2» قائلا اننا عملنا من أجل عدم التصعيد واقترحنا مبادرة لنقل المساعدات الإنسانية من الأسطول بسفن يونانية الى قطاع غزة. وتطرق الحوار الى العديد من القضايا الاخرى بما فيها الملف النووي الايراني وأحداث «الربيع العربي» على النحو التالي: • تتولون حقيبة وزارة الخارجية منذ منتصف يونيو الماضي، فهل تمكنتم في الوقت القصير من «لملمة» الأمور في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها اليونان؟ الوقت قصير فعلا، لكن هناك الخبرة الطويلة التي تسمح بتحمل المسؤولية الجديدة. وقد قمت بجولة أوروبية وزيارة لبرلين مؤخرا اقتناعا منا بأن المانيا تقوم بدور فاعل في دعم اليونان لمواجهة أزمتها المالية، لكون المانيا من الدول المهمة في منطقة اليورو. ولم تتناول محادثاتنا الملفات الثنائية وذات الاهتمام المشترك فحسب بل تشاورنا حول الربيع العربي. وأشير في هذا الصدد الى أن اليونان قريبة جدا جغرافيا من المنطقة العربية و تربطنا بها علاقات تاريخية. ومن هذا المنطلق نتابع باهتمام ما يجري على الساحة العربية ونسعى لتقديم العون حسب مقدورنا. • لكم تجربة ايجابية في دعم العلاقات مع العرب من خلال موقعكم السابق كنائب لرئيس البرلمان الأوروبي، فكيف ترون العلاقات اليونانية السعودية؟ علاقات اليونان مع المملكة العربية السعودية جيدة جدا وتشهد تطورا من خلال مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين البلدين والتي مهدت لمزيد من المشاورات السياسية بين الجانبين، وكان أبرزها أثناء زيارة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الى اليونان والتي أتاحت الفرصة لتشاور سياسي وطرح القضايا ذات الاهتمام المشترك والتعرف على سياسات المملكة والمبادرات التي تقدمها. ويمكن القول إن العلاقات اليونانية السعودية تهتم بمجالات متعددة مثل المجال الاقتصادي والبرلماني. وأشير هنا الى ان لجنة الصداقة البرلمانية اليونانية السعودية تواصل المشاورات في المجال البرلماني وهناك زيارات بين الجانبين اذ اننا نهتم بدور مجلس الشورى السعودي. كما يشهد الجانب الاقتصادي أيضا تطورا رغم الأزمة المالية التي تمر بها اليونان وهناك العديد من رجال الأعمال اليونانيين الذين يحرصون على الاستثمار في المملكة لا سيما في المدن الصناعية الجديدة. ولا ننسى بالطبع علاقات اليونان مع مجلس التعاون الخليجي، فنحن ندعم المفاوضات الجارية بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي من أجل توقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما، وقد حرصت في فترة تولي منصب نائب البرلمان الأوروبي على متابعة اللقاءات المشتركة بين الجانبين. • تناولتم في محاضرة ألقيتها في برلين أحداث الربيع العربي، فما هو موقف بلادكم من المبادرة الخليجية لحل ازمة اليمن؟ نحن نؤيد المبادرة الخليجية ونرى أن المملكة العربية السعودية تقوم بدور ايجابي جدا لحل أزمة اليمن والحفاظ على وحدة أراضيه، وحريصة على تحقيق السلام والوفاق في ربوع اليمن الأمر الذي يحافظ على أمن واستقرار منطقة الخليج. ولا شك في أن المملكة تشكل بسياساتها محورا استراتيجيا مهما في المنطقة. • وما هو موقفكم حيال الملف النووي الايراني؟ نحن نعمل أولا من خلال الإطار الأوروبي الذي يطالب ايران بالتعاون في موضوع ملفها النووي. ونعتبر هذا الملف مهما جدا علما بأننا نؤيد الاستخدام السلمي للطاقة. كما نؤيد جهود المانيا وفرنسا وبريطانيا بشأن الملف النووي الإيراني ونؤيد كذلك الجهود المبذولة للتوصل الى حل سلمي في هذا الصدد وعدم التصعيد. وأشير الى أن اليونان تؤيد مشروع منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والنووي في الشرق الأوسط، فضلا عن أننا ندعم التوجه الأوروبي في خيار الحوار مع ايران. • طرحت الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول الموقف اليوناني تجاه القضية الفلسطينية حينما منعت اليونان «أسطول الحرية 2» من مغادرة موانيها للتوجه الى قطاع غزة، خاصة وأن صحفا أوروبية أشارت الى مسار جديد في الدبلوماسية اليونانية الإسرائيلية وتحدثت عن تقارب يوناني اسرائيلي منذ صيف 2010 ، فما ردكم على تللك التساؤلات؟ علاقتنا مع جيراننا في الشرق الأوسط وجنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط تاريخية وعميقة. واليونان حريصة على تطويرها ودعمها. كما أننا ندعم السلام العادل في الشرق الأوسط ونسعى منذ سنوات عديدة عبر وساطة حقيقية للتوصل الى قاسم مشترك في عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد تناولت بعض وسائل الاعلام موقف اليونان من «أسطول الحرية 2» بشكل مختلف. والحقيقة أننا عملنا من أجل عدم التصعيد. واقترحنا المبادرة اليونانية والتي تحتوي على مقترح يوناني بنقل المساعدات الانسانية من «أسطول الحرية 2» على سفن يونانية تتوجه الى غزة. ورأى السكرتير العام للأمم المتحدة أنه اقتراح جيد وحث أعضاء الأسطول على الموافقة والتعاون مع السلطات اليونانية. وبالمناسبة سأكون ضمن الوفد الذي يتوجه الى زيارة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية مع الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس لحث جميع الأطراف على استئناف المفاوضات. وبصفتنا عضوا في الاتحاد الأوروبي نحن ملتزمون بالقرارات الأوروبية المعنية بعملية السلام ونتابع جميع التطورات انطلاقا من أن منطقة الشرق الأوسط تشكل عمقا استراتيجيا لليونان لا يمكن تجاهله لاسيما في المرحلة الراهنة. • الكثير من الأوروبيين يربطون عملية السلام بما يعرف بالربيع العربي، فما هو موقف أثينا من الأحداث الراهنة في الساحة العربية؟ كل ما يحدث في المنطقة العربية يهم اليونان لأن للعمقين الجغرافي والتاريخي تأثيرا كبيرا في علاقات الدول. و نحن نتابع أحداث مصر وليبيا وسورية وتونس ونعمل عبر قنوات الاتحاد الأوروبي لدعم التوجه الديمقراطي لشعوب المنطقة ونشجب العنف بكل أشكاله. وقد قام وفد يوناني رفيع المستوى مؤخرا بزيارة لمصر للتعرف على الأوضاع هناك. وشارك في الوفد عدد كبير من رجال الأعمال اليونانيين، وبالنسبة لليبيا نحن نسعى الى التوصل الى وقف لاطلاق النار بين جميع الأطراف والعمل بخيار التفاوض والحوار من أجل احتواء الأزمة الإنسانية التي يمر بها الشعب الليبي. ونراقب باهتمام تطورات الحوار الوطني في سورية. • كيف ترون العلاقات اليونانية التركية والأزمة القبرصية، وهل تؤيدون انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي؟ علاقاتنا مع تركيا تشهد تطورا في مجالات عديدة وتقاربا من خلال توقيع 21 اتفاقية بين الجانبين تتعلق بالسياحة والتجارة والصناعة والبيئة. كما يلتقي مجلس تشاوري يوناني تركي على فترات لتناول الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك انطلاقا من الحرص على أن تسيير العلاقات اليونانية التركية في مجريات طبيعية تخدم مصالح البلدين. ولا شك أن هناك ملف قبرص فضلا عن خلاف ملف الحدود الإقليمية لبحر إيجة لكن نحن ندعم السياسة الحكيمة مع تركيا. كما أننا ندعم تفعيل خطوات ضم تركيا الى الاتحاد الأوروبي قناعة منا بأن هذه الخطوة سيكون لها تأثير ايجابي على العلاقات الثنائية بين البلدين. وفيما يتعلق بقبرص فإن علاقتنا معها جيدة جدا وهي من أولويات دبلوماسيتنا. وقبرص اليونانية انضمت الى الاتحاد الأوروبي عام 2004 ونحن منذ ذلك التاريخ نعمل على حل المشكلة القبرصية.