مع حلول فصل الصيف، وبداية الإجازة المدرسية، يتدفق الآلاف من السياح والمتنزهين على برج جسر الملك فهد الذي يربط شرق المملكة بالبحرين، حيث يتيح البرج لزواره فرصة مشاهدة عرض البحر وأجزاء من السواحل الغربية من مملكة البحرين، وأجزاء من السواحل الشرقية للسعودية، كون البرج يقع في جانب من جزيرة الجسر البحري ويبعد عن طرف اليابسة السعودية بنحو 30 كلم، و20 كلم من طرف اليابسة البحرينية، إلا أن عددا من الزوار والمتنزهين أبدوا تذمرهم من إهمال البرج في الجانب السعودي من الجسر، معربين عن استيائهم من تردي خدماته، ما انعكس على أعداد مرتاديه. أكد عدد من الزوار من المنطقة الغربية، استمتاعهم بالمشاهد العلوية التي أتاحت لهم النظر إلى مشهد الجزيرة وأجزاء من البحر، فضلا عن جمال الزوايا التي التقطوا من خلالها صورا تذكارية، إلا أنهم أبدوا تذمرهم أيضا من عدم وجود أماكن للجلوس والاستمتاع بالمنظر لفترة طويلة، فضلا عن استيائهم من الكتابات التي غطت جميع أرجاء البرج بما فيها المصعد. خمسة.. خمسة وللوهلة الأولى خيل للمواطن يوسف الدوسري أن البرج مهجور إلا من وجود عامل وافد يستقبل الزوار بكوبونات الرسوم وهو يردد «كل نفر خمسة ريال»، وبعد دفع المبلغ والصعود إلى أعلى البرج، تغطي الخربشات والكتابات كافة جوانبه، فضلا عن تردي خدماته، مطالبا مؤسسة الجسر بإعادة النظر في وضع الشركة التي تتولى تشغيله لعدم قدرتها على الاهتمام بهذا المعلم السياحي، بقدر اهتمامها بجمع المبالغ دون تقديم الخدمة المطلوبة. وهو ما أكده أيضا المواطن محمد السيف أحد المترددين على الجزيرة، في إشارته إلى أن الزوار بدأوا يهجرون البرج فلا تشاهد إلا أعدادا قليلة أغلبهم من الأجانب، مرجعا أسباب ذلك إلى تدني مستوى الخدمة وعدم الاهتمام بالجانب السياحي للجزيرة والترويج لها. استثمار البرجين وإلى ذلك أوضح مصدر في المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، أن المؤسسة في ظل اهتمامها بهذا المرفق الحيوي، أغلقت حاليا كلا البرجين سواء الواقع في الجانب السعودي أو البحريني، وإخضاعهما لصيانة عاجلة، وبعد الانتهاء من أعمال الصيانة، سيتم طرح البرجين للاستثمار، مبينا أن البرجين لم يتم إغلاقهما منذ افتتاح الجسر، بل ظلا يستقبلان الزوار من الوفود والشخصيات وطلاب المدارس والمعاهد. وكان مدير عام مؤسسة جسر الملك فهد المهندس بدر العطيشان قد أوضح، أن مشكلة البرج في الجانب السعودي، ترتبط بشكل مباشر بالمشغل، مشيرا إلى أن هناك عوائل سعودية وخليجية تأتي من مناطق مختلفة لزيارة البرج، ولكنها لا تمكث سوى بضع دقائق لتردي الخدمات، مؤكدا أن المردود المادي يحسن من نوع الخدمة، معربا عن أمله في أن تكون الزيارات للبرج على مدار الأسبوع من خلال الاتفاق مع شركات كبرى وعلى مستوى عالمي متخصصة في الفندقة والسياحة، لافتا أن عدم وجود حراسات أمنية بالبرج لمنع العبث بمحتوياته، مسؤولية المشغل، فيما تتم حاليا دراسة آليات للحد من ظواهر العبث التي تلحق بمختلف مواقع الجسر، ووضع نظام رقابي له. وكانت الشركة المنفذة للجسر، قد شيدت برجين أحدهما في الجانب السعودي والآخر في الجانب البحريني واجتمع مجلس إدارة الجسر ووضع خطة لتطوير الجسر والبرج، وقد تم الانتهاء فعليا من عملية التخطيط ورصد 25 مليون ريال من ميزانية 2010 للتنفيذ كمرحلة أولى. وبنظرة مستقبلية حتى يكون البرج مقصدا سياحيا، أوكلت المؤسسة عملية تشغيل البرج لمستثمرين، وحرصت على أن تكون الخدمة المقدمة للزوار على مستوى عال، كتطوير خدمات التكييف وسلامة المنشأة والمصاعد وتغيير الزجاج كاملا، إذ أن الزجاج الموجود حاليا ظل على حاله منذ إنشاء البرج قبل 23 عاما، وفي ظل عوامل المناخ المتغيرة والرطوبة والحرارة والغبار، أصبح الزجاج قديما ولا يعطي الوضوح والدقة في الرؤية، مرجعا أسباب قلة زوار البرج إلى أن كون الغالبية منهم من العمالة الوافدة، كما أن المكان غير مهيأ بشكل جيد لاستقبال العائلات. مما يذكر أن جسر الملك فهد يعد من أطول الجسور في منطقة الشرق الأوسط وأكثرها تكلفة، إذ بلغت تكاليف إنشائه بين عامي 1982 و1989م نحو 3 مليارات ريال، ويصنف كأحد أهم المنجزات المعمارية في منطقة الشرق الأوسط، فيما يبلغ طول الجسر نحو 28 كيلو مترا وبعرض 23 مترا، وقد افتتح رسميا في 25 نوفمبر 1986. وتعود فكرة إنشاء الجسر إلى عام 1965، عندما قام الملك فيصل باستقبال الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة خلال زيارة إلى المنطقة الشرقية، حيث أبدى آل خليفة رغبته ربط السعودية بالبحرين، الأمر الذي وافق عليه الملك فيصل، فأمر بتشكيل لجنة مشتركة بين البلدين لدراسة إمكانية تنفيذ الجسر، وكانت تلك البداية لأضخم مشروع ربط بين دولتين في التاريخ الحديث، وقد بدأ العمل الرسمي في بناء الجسر في 29 سبتمبر عام 1981، وتم تثبيت أول قاعدة من قواعده في يوم الأحد 27 فبراير 1982، بينما تم افتتاح الجسر يوم الأربعاء 26/11/ 1986م بحضور الملك فهد بن عبد العزيز والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمهما الله.