أعادتني مقابلة أستاذ اللغة الإنجليزية بعنيزة قبل 48 عاماً عندما كان (جيمس مايكل بد) بريطاني الجنسية، والمدرس بثانوية عنيزة عام 1385ه /1965م والذي مكث هناك خمسة أعوام، والذي أقبل على العيش على الطريقة العنيزاوية- كما تقول جريدة الرياض 20/4/1432ه - بصورة أذهلت كل القريبين منه، حيث تحدث اللهجة القصيمية بطلاقة، وتوثقت علاقته مع زملائه وطلابه، مما حمله على زيارتهم مرة أخرى بعد ما يقرب من نصف قرن بدعوة كريمة من تلميذه الأستاذ عبدالله بن يحيى السليم محافظ عنيزة السابق، وأحد الذين ظلوا على تواصل معه طيلة السنوات السابقة، وقد أجرت جريدتا الرياض والجزيرة مقابلات صحفية مطولة معه. وأنا أقرأ ما نشر في الصحيفتين بعد عودتي من عنيزة بأيام قليلة بعد حضور إحدى فعاليات المهرجان الثقافي الثالث الذي نظمه مركز صالح بن صالح الثقافي في منتصف شهر ربيع الآخر. أي قبل وصول جيمس بأيام لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، فكم أسفت لعدم تقديم زيارته ومشاركته في الحديث عن ذكرياته بعنيزة قبل نصف قرن عندما كانت منازلها مبنية من الطين ولا وجود للكهرباء في شوارعها، فكل واحد يمشي ليلاً وبيده (كشاف) يستدل به على الطريق. لنعود إلى طيب الذكر يوسف والذي كان اسمه جيمس، فقد عادت ذاكرتي إلى عام 1385ه عندما زرت عمي سليمان – رحمه الله – والذي كان إماماً وخطيباً لجامع الظهران، وكانت قد افتتحت كلية البترول في العام نفسه وكان الطلبة يسكنون في (بركسات) وحدات سكنية متواضعة كان يشغلها عمال الشركة المبتدئين وكان فيما سبق يسمى (كنب البدو) فأفرغته شركة أرامكو وتسلمته الكلية كسكن مؤقت للطلبة ذهبت إلى حيث يسكن الطلبة للسؤال عن أحدهم وهو الأخ صالح الربدي الذي جاء من بريدة ومر بالرياض حيث عرفته هناك، وجدت الطلبة يفترشون الرمال خارج غرفهم البسيطة إذ كانت كل واحدة تتكون من عشر غرف متقابلة في نهايتها حمام مشترك ومطبخ آخر مشترك. وجدت الربدي مع مجموعة من الطلبة وقد تحلقوا حول واحد عرفت فيما بعد أنه (جيمس) المدرس في ثانوية عنيزة وقد جاء لزيارة بعض أصدقائه. فكانوا يناقشونه وهو يرد عليهم باللهجة القصيمية البحتة. وأذكر رغم مضي هذا الوقت الطويل على هذا اللقاء أن أحدهم قد سأله عن جمع كلمة أستاذ؟ فرد عليه بكلمة شعبية كادت أن تنقرض وهي: إستودية، وهي تعني معلم البناء بالطين يدعى إستاد بالدال . وكانت الظهران بحكم مكانتها كإدارة لشركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) – تتكون – وقتها من ثلاث مناطق أو ثلاث جهات: الأولى وهي مقر الإدارة الرئيسية، وحولها مساكن كبار العمال السعوديين وغيرهم وبالذات الأمريكان بعوائلهم، وكان يسمى (سر نستاف)، أما القسم الثاني والذي يفصل بينه وبين الإدارة الرئيسية الشارع العام المتجه من الظهران إلى الدمام فكان يسمى (المنيرة) وهو أقل من مستوى سكن كبار الموظفين ولكنه يشبه (البركسات) التي يسكنها طلبة كلية البترول فيما بعد.. المنيرة أو كما يطلق عليها (سعودي كنب) فيميزها وجود مكتبة عامة وصالة ألعاب رياضية وصالة سينما صيفية مكشوفة، ومطعم، وسوق تجاري أو بقالة كبيرة تسمى (كانتين) تباع فيها البضائع للعمال بسعر منخفض، إذ كانت البضائع ترد من أمريكا بدون جمارك. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة