يعتبر الكثير من المقبوض عليهم من المهربين والمتسللين أن مجرد دخولهم إلى المملكة سيكفل لهم الثراء الفاحش الذي سيحقق لهم أحلامهم وطموحاتهم المختلفة من خلال العمل في أي مهنة. البحث عن الثراء يغري الكثيرين لتجاوز الحدود خلسة وفي جنح الليل، بل إن بعض المتسللين سبق وأن دخل المملكة لأكثر من عشر مرات بعد أن يتم ترحيلهم. جبل هايدي الحدودي في منطقة جازان يضم طرقا يسلكها المهربون والمتسللون أصبحت واضحة مع مرور الأعوام لكثرة الأعداد التي تسلكها بشكل يومي، فيما توفر كهوفه استراحات للمتسللين قبل مواصلة خط سيرهم باتجاه القرى. يقصد المتسللون الحدود من اليمن والصومال والدول الأخرى المجاورة عند غروب الشمس، بعد أن ينقلوا إلى المناطق القريبة من الحدود ليواصلوا السير ليلا في مدة تتجاوز 14ساعة متواصلة، يقطعون خلالها الجبال والأودية السحيقة لضمان اجتيازهم الحدود وقت الفجر، بما يكفل عدم انكشاف أمرهم من قبل الجهات الأمنية، فضلا عن أن الأجواء ليلا تكون باردة ما يساعدهم على السير وقطع المسافات الطويلة. ويحمل المتسللون أمتعة قليلة لا تتجاوز القطعتين من الملابس، ومياها وبعضا من الخبز. دبر نفسك كان بين المتسللين إلى الحدود شخص يدعى نابت عبده (39 عاما)، قال: أسير 14 ساعة متواصلة لقطع الحدود، ولا اتناول خلالها إلا القليل من المياه وبعض الخبز، مشيرا إلى قيامه بتجاوز الحدود كل عام مع قرب شهر رمضان المبارك، بطريقة لم يفصح عنها، ولكنه عبر عنها «بكلمة دبر نفسك». وأضاف أحاول التسلل في هذا الوقت لكثرة الصدقات والمساعدات في هذه الشهور، لجمع حصيلة جيدة من المال أقوم بإرسالها إلى أسرتي مع بعض أبناء جلدتي عند مغادرتهم المملكة، ولكن عندما يتعذر إيصالها أقوم بمغادرة البلاد من خلال تسليم نفسي ليتم ترحيلي. وذكر ان هذه المرة هي العاشرة التي يتجاوز فيها الحدود للعمل عند بعض الأسر في رعي الأغنام. نصيحة الصديق جلال محمد (15عاما)، يقول تسللت إلى المملكة للعمل حتى أعول أسرتي الكبيرة، بعد وفاة والدي حيث أنني لم استطع توفير الاحتياجات اليومية. وأضاف «توجهت إلى الحدود للتسلل بناء على نصيحة صديقي الذي أقنعني بالفكرة للعمل في القرى والهجر البعيدة عن أعين رجال الأمن، مادفعني للسفر وقطع المسافات لمدة 12 ساعة قبل أن يتم القبض علي من قبل المجاهدين»، وقال هناك أشخاص ينتظرونا للعمل معهم في رمضان، مقابل مبلغ مالي نتقاضاه نهاية اليوم، في إشارة إلى العمل كمتسولين. متسولون أثرياء ويتمنى سالم ناصر أن يحصل على الفرص المناسبة للتسول قبل العودة إلى بلاده، حيث أنه سمع من العديد من أبناء جلدته في حصول المتسولين على مساعدات مبالغ مالية كبيرة تساعدهم على الحياة. وأشار إلى أنه يعرف شخصا من أبناء قريته تسلل عبر الحدود جمع مبلغا تجاوز 60 ألف ريال خلال فترة بسيطة لا تتجاوز ثلاثة شهور، ما دفعني للتفكير في الدخول بأي طريقة كانت، وعن كيفية الحصول على المال، قال «الصدقات والمساعدات لا تنقطع عندما اطلبها من الناس حيث كنت أشغل ستة أشخاص واحصل على 70 ريالا تقريبا يوميا من كل شخص بمعدل 400 ريال، وهذا ما دفعني للتسلل إلى المملكة. مكاسب مغرية واعتبر حمدي حسين، الإغراء الذي يواجهه الشباب وقصص الثراء الذي يشاهدونه على الكثير من العائدين من المملكة، يجعلهم يتركون أسرهم ويقبلون ببعض العروض لتجاوز الحدود مع أشخاص يقومون بتمريرهم مقابل مبالغ مالية. وأشار إلى أن أحد أقاربه تلقى عرضا بمبلغ 1500ريال شهريا، مقابل العمل معه في التسول حيث كان يمر على المحلات التجارية والتجمعات للتسول، ويجمع في بعض الأيام وخاصة في رمضان مبالغ تتجاوز 400 ريال، وهذا مبلغ مغر، خاصة وأن العاملين معه يتجاوز عددهم 22 شابا يدربهم على الاستعطاف وطرق الهروب من الجهات الأمنية. وهذا ما أكده مدير دار الحماية في الحديدة طلال العبيدي، عن وجود عصابات تغرر بالأطفال وخاصة سكان القرى وقليلي التعليم الذين ينساقون خلف الوعود الزائفة بالثراء والتي سرعان ماتختفي عند وصولهم الحدود. طرق التسلل يعمد المهربون والمتسللون إلى استخدام التكنولوجيا في عمليات التهريب عبر الهواتف المحمولة وقيامهم بتخصيص شخص لمسح الطريق أمام المهربين يتم التواصل معه لقديم المعلومات عن الوضع الأمني في نقاط التفتيش والدوريات على الطريق. ولا يقتصر عمل المساحين على الطرقات، بل يعملون على قمم الجبال الشاهقة المستخدمة في التهريب، لتوجيه المهربين والمتسللين إلى الطرق الآمنة عند اقتراب أي خطر. لن نتوقف وأكد مدير فرع المجاهدين في منطقة جازان غلاب بن غالب أبو خشيم إن المجاهدين يعملون بجانب القطاعات الأمنية الأخرى من حرس الحدود، وبينهم تعاون مشترك لا ينقطع كون الهدف الذي يسعى له الجميع واحدا، ومهما حاول المهربون والمتسللون التخفي فإن رجالنا على قدر كبير من القدرة على كشف تلك الخطط المكشوفة. وأوضح الناطق الإعلامي باسم المجاهدين في منطقة جازان خالد قزيز، إن القبوضات التي تمكن رجال المجاهدين من ضبطها خلال الثلاثة شهور الماضية شملت: 71186 متسللا، 58293 طلقة حية متنوعة، 180 قطعة سلاح متنوعة، 8 قذائف آر بي جي و8 دوافع آر بي جي و5 قنابل يدوية، 4143 بلاطة حشيش تزن طنين وخمسة وتسعين كلغ 467.681 حزمة قات تزن 169 طن و706 كجم، 4983 حبة كبتاجون، 28000 ألف لتر خمر صنع محلي، 157 قارورة وسكي وعرق، فيما بلغ المجموعة العام للسيارات المستخدمة بالتهريب 3087 سيارة و220 دراجة نارية، وبلغ المجموع العام للأشخاص المقبوض عليهم بقضايا تهريب متنوعة 5305 أشخاص من جنسيات مختلفة.