تسيطر مافيا من خلال مكاتب الخدمات العامة على سوق الخادمات في مدينة الرياض بتهريبهن بشكل متكرر حتى وصل حجم السوق إلى ما يقارب مئات الملايين. «عكاظ» نقبت من داخل أسوار هذه المكاتب ووقفت على أبرز المشاكل التي يواجهها المواطنين في التعامل مع هروب العمالة المنزلية والتي تقدر سنويا بنحو 20 ألف حالة هروب، مع رصد لتذمر عدد من المواطنين من تلاعب المراكز وتحميلها المسؤولية كاملة باعتبارها بحسب وصفهم السبب الرئيس لتسهيل هروب الخادمات، وتكبد المتضررين خسائر سنوية لما يقارب 50 مليون ريال. يرى المواطن مبارك عبد الله المطيري، بأن هناك تلاعب واضح من قبل مراكز الخدمات العامة، من خلال نقل كفالة الخادمة من شخص لشخص مستغلين الثغرة المتمثلة بعدم وجود بند قانوني يلزم المكتب بأي شي في حالة الهروب. وأشار إلى أن الكفيل يأتي بالخادمة ويصرف عليها أكثر من 10000ريال إلا أنه يتضح في نفس اليوم الذي تنتهي فيه مهلة المكتب لاستبدال الخادمة تكون الخادمة قد هربت، مما يؤكد على تواطؤ المكاتب في ذلك ومحاولة تأجيرهن لأشخاص آخرين أو حتى نقل كفالتهن، وذلك بمبلغ يستفيد منه المكتب قد يصل إلى 3000 ريال. فيما لاحظت «عكاظ» خلال جولتها على مكاتب الخدمات العامة، بأن هناك سوقا أخرى تتمثل في تأجير الخادمات بسعر يصل ما بين 1500 1800 ريال خلال الشهر الواحد. ويحمل أيضا المواطن سطام الغبيوي هروب الخادمات إلى مكاتب الخدمات العامة لإغرائهن بالرواتب المضاعفة، مبينا أن تأجير الخادمة يصل إلى 1800ريال ويستحق المكتب منها فقط 800 ريال بينما البقية للخادمة، وهذا ضعف أو تقريبا زيادة بنسبة 70 في المائة عن راتبها السابق. وتحدث ل«عكاظ» عن سبب آخر للهروب يتمثل في الادعاء بالمعاملة السيئة التي قد تجدها بعض الخادمات من الكفيل، ووقوف القانون دائما بجانب الخادمة وعدم وجود قانون واضح وصريح يحمي حقوق الكفيل. وطالب بأن تكون هناك لجنة خاصة لمراقبة مراكز الخدمات العامة، وذلك بالتنسيق ما بين الجهات المختصة في هذا المجال. فيما تحدث صاحب أحد مكاتب الخدمات العامة أثناء الجولة قائلا: إن جميع المكاتب لا يمكن أن تؤمن على هروب الخادمة على حد وصفه. وحول أماكن سكن الخادمات التي يتم تأجيرها أو نقل كفالتها، أوضح أنه يوجد فوق المكتب شقة كاملة للخادمات، وكذلك بقية المكاتب. تشديد الغرامات من جهته، أكد ل«عكاظ» المتحدث الرسمي في وزارة العمل حطاب العنزي، أنه لا يجوز لمكاتب الخدمات العامة إيواء أو تأجير العمالة المنزلية، مشيرا إلى أن الوزارة تشدد دائما الغرامات على المتلاعبين في هذا القضية. وحث العنزي المتضررين التقدم بالشكاوى للجهات المختصة أو التوجه للوزارة التي تعمل بشكل متشدد مع الغرامات والمخالفات مع كافة المتلاعبين في مسألة إيواء وتأجير العمالة. وأشار إلى أن نظام العمل لا يسمح إلا باستقدام الخادمة وتسليمها لكفيلها فقط، ولا يسمح بإيواء الخادمات. وفي شأن متصل، أوضح ل«عكاظ» رئيس لجنة الاستقدام في الغرفة التجارية الصناعية في جدة يحيى آل مقبل، بأن النظام المعمول به في المملكة يسهل بصراحة مسألة هروب الخادمات واستغلال حاجات الناس، حيث لا يوجد غرامة قوية ترد المخالفين أو المتلاعبين، مشيرا إلى أن مكاتب الخدمات لا يحق لها نظاميا تأجير العمالة المنزلية على المواطنين. وبين آل مقبل أنه لا يوجد نظام حقيقي في المملكة ينظم العمالة المنزلية بعد استقدامها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك أجانب في الوقت الحالي يديرون مثل هذا العمليات التي تشمل إيواء و تهريب الخادمات وليس فقط المكاتب. وأضاف أن الغرامات التي تفرض على المخالفين في مسألة العمالة المنزلية قليل، وهذا من أهم الأسباب التي تزيد من المعاناة في هذا الموضوع، داعيا الجهات المختصة الإسراع في إيجاد نظام حقيقي يحفظ للكفيل والمكفول حقوقهم، مشيرا إلى أهمية التوعية بحقوق العمالية المنزلية وألا تكون المسألة مجرد وجاهة اجتماعية، لافتا أن بعض الدول لا يمكن للعمالة أن تتجاوز مدة إقامتها أكثر من 4 سنوات تفاديا للسلبيات. و شدد على أهمية التوعية بمدى الاحتياج الحقيقي للعمالة المنزلية حتى لا يكون هناك تكدس.