تعاني مساجد الطرق السريعة، والتي يؤمها المواطنون والمقيمون وخصوصا في موسم الصيف والإجازة والأعياد أو أثناء التنقل بين المناطق والمدن، من الإهمال وتدني مستوى النظافة والصيانة وتفتقر للحراسة التي تسهر على سلامة المكان وعبث العابثين، فضلا عن غياب الرقابة والمتابعة من الجهة المشرفة، فدورات المياه في هذه المساجد تعاني في الغالب من شح المياه، ما يجعلها مصدر إزعاج للمصلين نتيجة انبعاث الروائح الكريهة، بالإضافة إلى الفوضى الناتجة عن الأتربة والنفايات وحتى المصاحف الممزقة المتناثرة هنا وهناك في مشهد لا يسر ويدمي القلب.. الوضع المأساوي وما آل إليه حال المساجد دفع بالكثير من مرتاديها إلى طرح عدد من التساؤلات، وعلى رأسها تبعية هذه المساجد.. هل هم ملاك محطات الوقود والاستراحات أم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف المعنية بالمساجد. المسؤولية مشتركة وقال أحمد الصالح، إن للمسجد في الإسلام أهمية كبيرة، وأنه حري بنا أن نحرص على نظافته وتطييبه بالبخور حتى تنعكس رائحته الزكية على المصلين، وأضاف، أعتقد أن المسؤولية لا بد أن تكون مشتركة بين القائمين على المسجد ومرتادي هذه البقعة الطاهرة فيما يتعلق بالنظافة وحتى الاحتياجات الأخرى كالماء والمطهرات حتى يعود نفعه على الجميع. سجاد عتيق من جهته، ذكر علي العمري (سائق شاحنة)، أنه غالبا ما يتنقل بين المدن بحكم عمله فيضطر أحيانا النزول في إحدى الاستراحات للتزود بالوقود وأداء الصلاة في تلك المساجد المنتشرة على الطرق السريعة، وأضاف: أحيانا يصدمني بعضها نظرا لما آل إليه حالها، فمعظم المساجد بلا مياه وسجادها عتيق يعلوه الغبار، وتنتشر في أرجائه النفايات، فضلا عن الروائح الكريهة التي تنبعث من دورات المياه القريبة نتيجة لشح المياه وانقطاعها لأيام، وطالب الجهات المعنية بالاهتمام بهذه المساجد أسوة بالمساجد داخل المدن. بدوره، بين بندر الزهراني أنه مع اقتراب فصل الصيف فإن 80 في المائة من المواطنين والمقيمين والسائحين الزوار من الخارج يتنقلون عبر الطرق السريعة أثناء تجوالهم بين المناطق، وفي المقابل فإن مراكز خدمات الطرق تعاني من تردي في الخدمات ومنها المساجد بالطبع، ما ينعكس سلبا على السياحة السعودية . إصدار التراخيص ومن جهة أخرى، أرجع إمام مسجد الإمام الترمذي في حي الجامعة سامي الحربي، مسؤولية مساجد الطرق السريعة، إلى ملاك محطات الوقود، وأيضا الجهة التي تصدر تراخيصها متمثلة في وزارة النقل والجهة التابعة لها وكالة المساجد التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية. الاعتماد لا يكفي إلى ذلك، بين المنسق الإعلامي في وكالة المساجد والدعوة والإرشاد التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية إسماعيل عبدالرحمن الخليوي، أن مساجد الطرق السريعة خارج نطاق مسؤولية الوزارة، أما فيما يتعلق بالمساجد التابعة للوزارة، فالوزارة تبذل ما في استطاعتها ووفق المتاح من الميزانية المخصصة لصيانة المساجد عبر شركات الصيانة وفق الشروط المعتمدة من قبل الجهات المعنية، وأضاف: الاعتماد المالي للصيانة لا يغطي الكم الهائل من المساجد التابعة للوزارة، حيث ذكر الوزير في تصريح سابق، أن بنود الصيانة المعتمدة في الميزانية تغطي فقط 28 في المائة من المساجد القائمة وهو رقم قليل نأمل في زيادته مستقبلا. وزاد الخليوي بالقول: «نتمنى أن نصل إلى تحقيق الصيانة لكافة المساجد مع الإشارة إلى أن بعض فاعلي الخير وبعض الحلول المقدمة من الوزارة عبر مؤسسات خيرية الآن في طريقها للتطبيق في هذا الجانب». عالجنا المشكلة وهنا أوضح مدير العلاقات العامة بوزارة الشؤون البلدية والقروية حمد بن سعد العمر، أن لائحة «محطات الوقود والغسيل والتشحيم» الصادر بالقرار الوزاري في 22/10/1422ه عالجت هذا الموضوع ضمن اشتراطاتها حيث نصت اللائحة على النظافة المستمرة لدورات المياه بكافة محتوياتها، ومجرى الوضوء وخزانات المياه الأرضية والعلوية و«المزاريب» وتوريد ورش المطهرات والمعطرات والمبيدات حسب الحاجة وتنظيف الفتحات بغرف التفتيش وتطهير «البيارات» عند الحاجة، وتخصيص عمالة لخدمة المسجد ونظافته وملحقاته. وقال: توجه الوزارة الأمانات والبلديات بتشديد أعمال الرقابة والمتابعة على نظافة المساجد الملحقة في محطات الوقود وصيانتها، والتأكد من التزام أصحابها بتعليمات لائحة محطات الوقود والغسيل والتشحيم، وزاد قائلا: تعد الوزارة موضوع استراحات الطرق موضوعا أساسيا ومحوريا وجزءا مهما من اختصاصها، لأنه شأن يمس الناس مباشرة خاصة إذا علمنا أن أكثر من 80 في المائة من تنقلات المواطنين بين المدن ومحافظات المملكة تتم عبر الطرق السريعة، ومن هنا تحرص الوزارة بشدة على تطوير تلك الاستراحات. وتابع: مجلس الوزراء يدرس حاليا مشروع نظام استراحات الطرق، وفي حال الموافقة عليها ستحدث نقلة كبيرة، ومن أهم ملامح هذا النظام التشغيل تحت إدارة شركات أو مؤسسات متخصصة مما يساهم في تطوير جودة الخدمات المقدمة للمسافرين. كما تؤكد الوزارة على أهمية رفع الوعي العام لدى المسافرين للمساهمة في نظافة هذه المرافق، وخلص إلى القول: «مساهمتنا تكمن في إطلاق المبادرة الهادفة إلى حل نهائي لتطوير تلك الاستراحات وملحقاتها». حلول مقترحة وبما أن معاناة مساجد الطرق السريعة والاستراحات، ينعكس أثرها سلبا على السياحة الداخلية في المملكة، هنا أكد مصدر مسؤول في الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن الهيئة تؤمن بأهمية تحسين الخدمات في استراحات الطرق من خلال تعاون ومشاركة كافة الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية، التي تتولى الإشراف على هذه المساجد، وفي هذا الإطار تم تشكيل لجنة توجيهية ضمت عددا من وكلاء ومسؤولي الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص، وتبنت دراسة استطلاعية لعدد من النماذج العالمية الرائدة أنيطت لأحد المكاتب الاستشارية المتخصصة، تناولت المرجعية الإشرافية والتنظيمية في تلك الدول والأطر التشغيلية وأساليب تفعيل القطاع الخاص والرقابة، ورفعت نتائج هذه الدراسة مع الحلول المقترحة لجهة الاختصاص في الدولة للنظر فيها. وأضاف المصدر، أن أمانة منطقة الرياض والهيئة العامة للسياحة والآثار ممثلة بجهاز التنمية السياحية في المنطقة أخيرا، أعلنتا عن إطلاق مبادرة تشمل برنامجا محددا لرفع مستوى مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية في منطقة الرياض، وهناك مناطق بادرت بالعمل في هذا الجانب منها حائل، القصيم، المدينةالمنورة وعسير في خطوة لاحقة، وزاد: صلاحية الإشراف والترخيص والرقابة على استراحات الطرق تقع ضمن نطاق مهام جهات حكومية أخرى، وأن مساهمة الهيئة في هذا الجانب تكمن في إطلاق مبادرات تهدف إلى الوصول إلى حل نهائي لتطوير تلك الاستراحات بما يتناسب مع مكانة المملكة، وحق المواطن في الحصول على خدمة متميزة، إضافة إلى مشاركة الهيئة في الاجتماعات واللجان المناطة بدراسة هذا الموضوع. وذكر المصدر، أن موضوع استراحات الطرق يعد موضوعا أساسيا وجزءا مهما من اختصاص الهيئة في تطوير السياحة الوطنية، ولذلك تحرص الهيئة بشدة على تطوير تلك الاستراحات، وهو ما يبدو واضحا في مطالبة رئيس الهيئة بضرورة فرض إجراءات صارمة على ملاك استراحات الطرق وخصوصا المؤدية إلى المناطق السياحية بهدف تطويرها.