الجنبية موروث ثقافي ينتشر في المناطق الجنوبية بكثرة، وتعتبر الجنبية أحد المظاهر التي يمتاز بها أفراد المجتمع الجنوبي بشكل عام، ويتفنن الجنوبي في لبسها ويحاول إظهار ما تتميز به من نقوش، وما أبدعته أيدي النحاتين والرسامين من فنون وجمال ودقة في الصنع، وما زينوه بها من الزخارف الفنية الرفيعة التي جعلت منها تحفة فنية، بينما يعلن الجنوبي من خلال هذا الاستعراض عن مدى تعلقه بجنبيته والعشق الذي يجمعهما. وللجنبية قيمة اجتماعية ومعنوية في المجتمع الجنوبي، كما إنها تمثل مفخرة للفرد توفر له مكانة بين أفراد قبيلته، خصوصا إذا كانت الجنبية التي يمتلكها قديمة الصنع، أو كان ورثها عن آبائه وأجداده. ويعود استخدام الرجل الجنوبي للجنبية إلى أزمنة قديمة فرضتها طبيعة وتضاريس المكان الذي يقطنه، فبالنسبة إلى رجل يسكن جبالا شاهقة تمتاز بوعورتها وصلابتها، فإن السلاح يصبح مكونا رئيسيا من شخصيته، حتى أصبحت رمزا له تعبر عن وجاهته وشجاعته. وتشير الدلائل التاريخية إلى أن بداية ظهورها كان في الألف الثالث قبل الميلاد، يؤكد ذلك شواهد قبور لا تزال موجودة في محافظة حضرموت، وتحديدا في منطقة الجول الجنوبي، منحوت عليها شكل الخنجر الهلالي، وتعد هذه الشواهد من أقدم الشواهد على الإطلاق. ويحرص الآباء على نقل لبس الجنبية إلى أبنائهم، واعتبار هذه العادة لبسا وزينة لهم، فيقتنون لهم ثقافة الجنابي وهم ما زالوا في سن صغيرة، باعتبارها تميزهم بالرجولة والكبرياء والاعتزاز، ولا تزال هذه الأساليب متبعة في الكثير من المناطق القبلية على الرغم من انتشار التعليم وزيادة الضغوط الاقتصادية. ويكثر ارتداء الجنبية في المناسبات الاجتماعية والأفراح والأعياد، فيما يتم الاستعراض بها خلال الرقصات الشعبية والفلكلورية، وكأنها مناسبة لعرض (الجنابي). وتختلف أشكال الجنبية من مكان إلى آخر، وتلعب الطبيعة دورا في تشكيلها، فمنها القصيرة المزخرفة والطويلة ذات الجراب الجلدي، وكما تختلف أشكال الجنبية يختلف الدافع وراء لبسها، وتلعب العادات والتقاليد دورا كبيرا في تحديد هذا الدافع، فمنهم من يلبسها للزينة ومنهم من يرتديها تعبيرا عن العزة والجاه والوجاهة والمهابة ومنهم من له فيها مآرب أخرى، ومع أن العلاقة بين الجمال والقتال تبدو مقطوعة، إلا أن ما يلبسه الجنوبي كزينة وتعبيرا عن الوجاهة والاستعراض، قد يتحول إلى أداة قاتلة تسفك بها الدماء وتزهق بها الأرواح.