لم يتصور بائع المانجو القتيل في سوق الخضراوات والفاكهة في خميس مشيط الأسبوع الماضي أن فجر ذلك اليوم سيكون نهاية مسيرة 18 عاما من الجد والكد في سبيل كسب العيش، لملم حاجياته قبل يوم من الجريمة المروعة وأعد البسطة والميزان وصناديق الفاكهة وفي نيته العودة فجرا إلى السوق ليبدأ نشاطه الجديد كأول مهنة له لإعانة أسرته. كان الفتى قد تدبر أمره فقرر الدخول إلى سوق الخضراوات والفاكهة، وقبل أن يجني عائد تعبه وركضه تلقى ضربة من «جنبية» كتبت نهاية حياته. يقول معارف للشاب الراحل، أنه من المجدين المواظبين وعرف عنه حسن السيرة ودماثة الخلق فنزل خبر رحيله الفاجع عليهم كالصاعقة. وقد رصدت «عكاظ» مشاعر الحزن بين الباعة في سوق الخضراوات لرحيل الفتى الذي وجد طريقه لأول مرة في دنيا التجارة فاختطفته جنبية. يمضي أحد الجيران إلى القول: عصر الأربعاء الماضي حضر الراحل إلى السوق، وأعد حاجياته استعدادا لمهام اليوم الثاني في عالم المال والأعمال. وبقي حتى صلاة العشاء يجهز صناديق المانجو والشمام ثم أعد مقعده وطاولة العرض قبل أن يغادر إلى منزله في ساعة متأخرة من الليل على أمل العودة في اليوم التالي. استيقظ الشاب الراحل مبكرا، وأدى صلاة الفجر في مسجد الحي ثم توجه إلى السوق. يقول أحد الجيران: تصادف مع بدء العمل في خميس ذلك اليوم تجهيزات في ساحة القصاص القريبة من الموقع لتنفيذ حكم الله في أحد الجناة، لم يكن المكان بعيدا عن السوق، إذ لا تفصلهما غير عشرة أمتار. وفي الدقائق التي تسبق وصول المحكوم عليه شهد المكان حركة غير عادية من الجهات المختصة. وفي السادسة تماما اكتظت ساحة القصاص بحشد من الناس جاءوا ليشهدوا تنفيذ حكم الله في أحد القتلة. يواصل الشاهد في رواية الحكاية: قبل شروق الشمس بقليل توقفت سيارة بيضاء في عمق السوق فهبط منها شابان دخلا في حوار ثم ملاسنة مع القتيل، في ذلك الوقت كان السوق خاليا من رواده وباعته بسبب انشغال الجميع بساحة القصاص، وما سيدور فيها من حدث مرتقب. يضيف الشاهد «رأيت السيارة البيضاء تتحرك من مكانها فيما كان البائع الشاب يسقط على الأرض، ومع الضجيج تدافع عشرات من ساحة القصاص إلى مكان السقوط فأحاطوا به، ومن بين الزحام رأيت الشاب مضرجا في دمائه». في الحال تم استدعاء الدوريات الأمنية ورجال إسعاف الهلال الأحمر ليتم نقل المصاب إلى المستشفى العام حيث فارق الحياة متأثرا بجروحه الخطيرة في أسفل البطن. ويواصل الشاهد مشاهداته بالقول إن سيارة الجناة هربت من الموقع ولم يستطع أي من الحضور التقاط رقم لوحتها أو تحديد ملامح السائق ومرافقه لكن السلطات الأمنية توصلت إليها قرب مركز طريب، 70 كيلومترا من خميس مشيط فحاول أحد المتهمين الهرب لكن محاولته باءت بالفشل. وأوضح الناطق الإعلامي في شرطة منطقة عسير الرائد عبدالله علي آل شعثان أن القضية أحيلت إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للتحقيق ثم المحاكمة.