كشف الصحفي الأمريكي بوب وودوورد سر المكالمة الهاتفية التي أوصلت الأمريكيين إلى مخبأ أسامة بن لادن في بلدة أبوت آباد الباكستانية، ومن ثم قتلهم له. بحسب تحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست. ويقول وودوورد إن المكالمة بدت للوهلة الأولى وكأنها كأي مكالمة هاتفية عادية وبريئة. ففي السنة الماضية، تلقى أحد المقربين من بن لادن، ويعرف باسم أبو أحمد الكويتي، وتقول الاستخبارات الأمريكية إنه كان المراسل الرئيس لزعيم تنظيم القاعدة، مكالمة هاتفية من صديق قديم سأله فيها: «أين أنت؟ لقد افتقدناك. كيف حال الحياة معك؟ وماذا تفعل هذه الأيام؟». وقد جاء رد الكويتي غامضا ومبهما، وإن تضمن بعض الدلالات الهامة، إذ قال: «لقد عدت إلى الأشخاص الذين كنت أعمل معهم من قبل.». يصمت الرجلان قليلا، وبعدها يرد المتصل على صديقه الكويتي قائلا له: «ربنا يسهل»، وكأنه عرف أن صديقه عاد إلى العمل مجددا مع بن لادن، وربما مع الدائرة الضيقة المقربة منه، وقد يكون في تلك اللحظة موجودا إلى جانبه. وتتلقف الاستخبارات الأمريكية المكالمة «الكنز»، فتعلم أنها بلغت «لحظة هامة» في رحلة البحث عن بن لادن، والتي استغرقت قرابة عقد من الزمن. ويبدأ عملاء الاستخبارات الأمريكية على الفور تعقب مصدر المكالمة، ليقودهم البحث في نهاية المطاف إلى بلدة أبوت آباد الواقعة على بعد حوالي 23 ميلا شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد، وبالتحديد إلى ذلك المجمع السكني غير التقليدي بأسواره المرتفعة والأسلاك الشائكة التي تحيط بها. وينقل وودوورد عن مسؤول أمريكي بارز، ومطلع على عملية تجميع المعلومات الاستخباراتية التي مهدت لتنفيذ الغارة على المجمع السكني الذي كان يقبع بن لادن بداخله، قوله: «كان ذلك هو الوقت الذي بدأ فيه تعقب بن لادن.». وبرغم التحفظ لدى بعض مستشاري الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إصداره أمر مهمة محفوفة بالمخاطر تقضي بأسر أو قتل بن لادن، إلا أن الخطة مضت قدما وتم وضع الكثير من الموارد البشرية والوسائل التقنية المتطورة بين أيدي القائمين على تنفيذها، الأمر الذي مكنهم من تحقيق الهدف المنشود في نهاية المطاف. يقول المسؤولون الاستخباراتيون الأمريكيون إنهم تمكنوا من رصد رجل كان يظهر باستمرار ليتمشى في فناء المجمع السكني، حيث كان يذرع البهو ذهابا وإيابا لحوالي الساعة أو الساعة ونصف كل يوم تقريبا، وقد راحوا يطلقون عليه تسمية «الرجل ذي الخطوات المنتظمة». إلأ أنهم لم يتمكنوا من تحديد ملامح الرجل بشكل واضح، بما في ذلك طوله، إذ ترددوا باستخدام وسائل مراقبة أكثر تطورا خشية كشفها، وبالتالي انفضاح أمر المهمة. كما أن الرجل «الغامض» لم يغادر المجمع قط منذ بداية عملية المراقبة، «وكأن سلوكه يشير إلى أنه ليس مجرد شخص لا يرغب بمغادرة المكان فحسب، بل بدا وكأنه أشبه ما يكون بالسجين». ورووا كيف أن أسئلة شتى بدأت تراودهم، من قبيل: هل هذا الشخص هو بن لادن؟ أم هل هو طعم، أم خديعة؟ ويرصد لنا وودوورد الخيارات العدة التي كانت مطروحة أمام أوباما وفريق مستشاريه لاستهداف المجمع، حتى قبل أن يتأكدوا بشكل جازم من أن ساكنه هو فعلا بن لادن. ومن بين تلك الخيارات كان إطلاق صاروخ عليه من طائرة بدون طيار من طراز «بريداتور» أو «ريبر»، أو اقتحام المبنى في خطة ميدانية تنفذها القوات الخاصة في ما عرف لاحقا باسم «خيار ماكفرلن»، نسبة إلى ويليام ماكفرلن، قائد العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية لمدة ثلاثة أعوام. هذا وأفادت صحيفة ديلي ميرور الصادرة أمس أن مخبأ زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في بلدة أبوت أباد الباكستانية سيتم تدميره لمنع تحوله إلى مزار. وقالت الصحيفة إن خبراء في مجال الأمن حذروا من أن بث شرائط الفيديو المنزلي لزعيم القاعدة يمكن أن يثير ردود أفعال عنيفة من قبل أنصاره المتعصبين بعد تدفق الآلاف منهم على منزله خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.