كل استبداد يحمل عوامل فنائه من الداخل وكذلك كل ثورة تتوافر إليها نفس الآلية. أنها تبدأ كالبركان ثم تأخذ وقتها فتبرد وربما تفرز خطاة ومستبدين آخرين. عندما تبرد الثورات، فهي تنقلب على الثائرين وتبدأ بأكل أبنائها وليس بالضرورة أن يتحول رعاة الثورات إلى مستبدين. لا أزال أتذكر إلى الآن قصة سوار الذهب، الزعيم السوداني الذي جاء ذات مرة إلى صدارة الحكم إبان إحدى المراحل الانتقالية في السودان. لقد استلم زمام الأمور وبمجرد أن هدأت الأمور قليلا، تنازل عن مكانه وترك الناس يقودون أنفسهم من غير أن يتبنى عبارة «أنا ومن بعدي الطوفان» ومن غير أن يقول لمن حوله «ألف لحية ولا لحيتي». لقد تناسى الناس في العالم العربي هذا النموذج الرائع الذي يصلح مثالا لمسألة كيفية الانتصار على السلطة وشهوة الحكم من الداخل. وكذلك أيضا يمكن النظر إلى الرئيس السنغالي سنغور الذي هجر السياسة وطلقها بالثلاث للارتماء في أحضان الشعر معلنا عدم مسؤوليته عن شهوة الحكم من عدمه. إذا لم يكن يوجد «سوار ذهب» آخر في العالم العربي، فكيف يخترع المنظرون قصة الرئيس الشاعر. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة