زجت الأحداث المصرية باسم «مزرعة طرة» إلى صدر العناوين اليومية، فأصبح مثارا للتندر تارة وللأسف على بعض نزلائه تارة. ولم يتخيل قط مصطفى باشا النحاس حينما قرر تشييد سجن مزرعة طرة عام 1928، أنه سيأتي اليوم التي تحوي فيه جدران السجن أعضاء حكومة مصرية بكامل هيئتها ووزرائها، ولا سيما رئيس الجمهورية المصرية مرشح لدخوله بكامل جسده، هو وأنجاله وجميع معاونيه وأتباعه. كما كاد أن يبدو لنا أنه كان بعد نظر من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق حين قرر تطوير البنية التحتية للسجن بما يجعلها تتناسب مع المسجونين من علية القوم، حيث نبأته بنات أفكاره أنه سيحل ضيفا عليه في يوم من الأيام. وبين هذا وذاك، فتلك هي الحقية التي ترويها لنا الآن جدران السجن، وتؤكدها زنزاناته بما تستضيفه من قيادات نظام اعتلى سدة الحكم طيلة الثلاثين عاما الماضية، وأصبح السجن مدعاة للتندر إلى الحد الذي أطلق عليه البعض «طرة لاند»، أي على نسق أسماء المنتجعات المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط. أتى قرار النائب العام المصري المستشار عبدالمجيد محمود بحبس الرئيس المصري السابق حسني مبارك ( الذي تخلف لأسباب صحية)، ونجليه علاء وجمال خمسة عشر يوما في سجن طرة على ذمة التحقيق، بمثابة اكتمال العقد لمراسم اجتماع جمهوري بين رئيسا وكامل أفراد حكومته داخل جدران السجن. وبذا، يصبح سجن «مزرعة طرة» أحد أشهر السجون فى العالم بماضيه وحاضره بل وينافس سجن ال «باستيل» صيتا، ولمن لا يعرف الأصل التاريخي لهذا السجن فعليه أن يعرف أن سجن «مزرعة طرة» شيده مصطفى النحاس باشا عندما كان وزيرا للداخلية سنة 1928، بهدف تخفيف الزحام الذي شهده سجن «أبو زعبل» الأقدم، ليفتح بعدها الباب لبناء عدد من السجون فى منطقة طرة جنوبي غرب حلوان، وصل عددها إلى 7 سجون. ظل الفارق الكبير الذي تميز به سجن مزرعة طرة عن رصفائه من السجون، لا يقتصر فقط على المساحة والتجهيز، وإنما ما يمكن أن يطلق عليه «عوامل الرفاهية»، ما جعله «المظل» لعدد كبير من المشاهير ورجال الأعمال والمسؤولين السابقين. وكان من أشهر نزلاء سجن «مزرعة طرة» فى فترته الأولى الكاتب الصحافي مصطفى أمين، وأعضاء تنظيم ثورة مصر، وقيادات حزبية. كما كان أيضا من بين نزلاء السجن السابقين والحاليين طارق وعبود الزمر، القيادي كمال خليل، الصحافى جمال فهمي، السياسي أيمن نور، توفيق عبده إسماعيل، ورجلا الأعمال هشام طلعت مصطفى وحسام أبو الفتوح وغيرهم.