لم يجد المتابع غرابة في تفاعل السوق السعودية مع مكافأة الشهرين على الإطلاق، إذ كانت هناك مخاوف مبكرة بأن غالبيتها سيصل إلى جيوب بعض التجار الذين سارعوا على الفور - وفقا لوزير التجارة في تصريحاته التي نشرت خلال اليومين الماضيين - إلى رفع أسعار بعض السلع إلى 20 في المائة، لكن المشكلة تكمن في أن خطر رفع الأسعار لن يقف عند هذا الحد أو لفترة محدودة، بل سيمتد ومن ثم يشعر المواطن بأنه قد ظلم، وأن إمكاناته لم تكن تسمح بتمرير هذه الزيادات المفتعلة، ولعل الكثيرين هنا يتساءلون بسخرية شديدة، هل ستنخفض الأسعار بصورة سريعة في السوق السعودية بعد أن أشار مؤشر أسعار السلع لمنظمة الأغذية والزراعة إلى تسجيل انخفاض قدره 2.9 في المائة في شهر مارس الماضي، أم أن سوقنا ستواصل ارتفاعها فقط متجاهلة أى إشارات تقف في طريقها. وإذا كان الكثيرون لازالوا يعانون من الضغوط التضخمية التي نشأت في عامي 2007 و2008 على خلفية ارتفاع أسعار الإيجارات بأكثر من 30 في المائة، فإن المخاوف تبقى كامنة من أن تشهد السوق بالتبعية ارتفاعات جديدة لن يتحملها كثيرون، لاسيما وأنه يرافقها على طول الخط ارتفاعات في المواد الغذائية التي تمثل السلة الرئيسية في مؤشر التضخم، والذي شهد ارتفاعات لأكثر من 11 في المائة قبل أكثر من عامين. والحقيقة أنه كان ينبغي على وزارة التجارة وغيرها من القطاعات أن تتحسب لتداعيات هذه الزيادة، بتدابير وضوابط صارمة تتصدى للزيادات المفتعلة في أسعار الكثير من السلع، لأن لهجة المناشدة والحث للتجار على الالتزام وعدم المغالاة في الأسعار لم تعد تجد نفعا، في سوق تتغول بقوة على حساب المستهلك. ولعل قضية تهرب القطاع الخاص من السعودة بدواع مختلفة خير دليل على ذلك. ومن أجل ذلك فإن المطلوب وضع خريطة واضحة المعالم من أجل ضبط أسعار الإيجارات، وكذلك المواد الغذائية لأن غالبية السلع التي شهدت ارتفاعات في الأسواق مخزنة في المستودعات منذ فترة ولم يكن هناك مبرر واقعي لرفعها تلقائيا سوى الجشع وليس غيره. لقد كشفت التجربة بما لايدع مجالا للشك أن زيادة الرواتب في 2006 أو عند إقرار غلاء المعيشة في 2008 وتثبيته في بداية العام الحالي قد حدثت معه زيادة في الأسعار واستغلال من جانب التجار وهذا مايستدعي تدخل وزارة التجارة.