حي أبا السعود تأريخ حضاري قديم يصفه الأهالي ب(القلب النابض لمدينة نجران) بتراثه ومنازله الشعبية تحيط به من كل الاتجاهات، تحمل في جعبتها ذكريات وتأريخ، يتميز أبا السعود بطابع خاص ومذاق خاص، كبقية المدن التراثية بمنازلها القديمة من الطين وشوارعها وأزقتها الضيقة، وتحيط بهذا التراث القديم مبان حديثة تلاصقه، وتكمل لوحته الجمالية بعض المزارع المحيطة بها من كل جانب. كان أبا السعود الملاذ الآمن لتجمع القبائل والتجار للتسوق في أسواقه الشعبية والحرفية، تعرض فيه بضائع مختلفة؛ تمور، دقيق وخضار، أسواق تعد محطة التقاء لجميع القادمين من القرى والهجر والمحافظات القريبة منها، لبيع وشراء ما يمكن بيعه وشراؤه، وفي ركن قصي من وسط البلد في القصر القديم، سوق الطيور يلتقي فيها باعة وهواة الطيور مرة كل أسبوع. رغم هذا الإرث الحضاري التأريخي لحي أبا السعود، إلا أنه في حاجة لمزيد من الاهتمام، حيث إن طرقه ما زالت مهترئة تعاني من تعرجات وتشققات بسبب طفح مياه الصرف الصحي، افتقار الشوارع الفرعية للإنارة، وإهمال سوق التمور فيه أكثر من 40 عاما، وأرصفة رديئة تؤكد ضعف الرقابة الميدانية للجهة المختصة. وفيما رفض تجار التمور الانتقال إلى الموقع الجديد بسبب عدم ملاءمته وصغر حجم محلاته وافتقاره لمظلات وعدم اتساعه للتمور، أوضحت ل «عكاظ» مصادر مطلعة في أمانة المنطقة، ومركز إمارة نجران، أن هناك لجنة لتطوير منطقة القصر في حي أبا السعود، وموقع التمور، تحت إشراف مركز إمارة أبا السعود، فيما تحفظت المصادر عن إجابة سؤال حول عدم تحرك الأمانة منذ سنين لإيجاد موقع لسوق مخصص للتمور كما هو ضمن مسؤوليتها كبقية مناطق المملكة. بداية الجولة كانت عبر طريق الملك عبدالعزيز الرئيسي في اتجاه حي أبا السعود، مرورا بحي دحضة الذي يعاني من سوء تخطيط وقلة خدمات، شاهدنا مطبات إسفلت متعرجة، يصعب تجنبها وتخطيها، إضافة لحواجز أسمنتية وحفريات مشاريع البنية التحتية، وفي تقاطع هذا الطريق بطريق الأمير نايف (مراطة) سابقا، أجبرتنا الحواجز الأسمنتية على تغيير مسار الطريق بسبب إنشاء مشروع كوبري الأمير نايف الذي ما زال العمل مستمرا فيه منذ أكثر من سنة بشكل بطيء جدا، ما أرهق المواطنين في تنقلاتهم يمينا ويسارا في مسارات متعرجة من الحواجز، وخفف طريق الملك عبدالله الرديف من الاختناق المروري اليومي في حي أبا السعود. طريق السد يحرص كثير من الزوار والسكان لزيارة سد نجران، باعتباره موقعا سياحيا أو هكذا يجب أن يكون، إلا أن الوصول إليه صعب للغاية، بعد إحالة مشروع ازدواج طريق الأمير نايف إلى شركة أخرى ماطلت في إكماله منذ أكثر من سنتين، يقول محمد «عانينا كثيرا من سوء تنفيذ طريق الأمير نايف، وتأخير إكمال تنفيذه من قبل الشركة أكثر من سنتين، وصعوبة توسعته بسبب محاذاته لمنازل السكان». طرق ضيقة عند تجاوزنا لتقاطع شارع الجربة في طريقنا نحو وسط البلد كان الطريق المؤدي إليه ضيقا، لا تستطيع المرور فيه إلا سيارة واحدة فقط، حيث إن الجهة اليمنى منه مواقف للسيارات، حيث يضطر سائقو المركبات للوقوف على جانبي الطريق لإصلاح مركباتهم في الورش وشراء مستلزماتهم من المحلات التجارية، وفي حالة دخول المركبات إلى هذا الطريق الضيق غالبا ما تقع حوادث مرورية. إلى ذلك، طالب سالم محمد اليامي بتوسعة هذا الطريق الضيق الذي لا يتسع لسيارتين، وقال يمثل هذا الطريق أهمية خاصة؛ كونه يرتبط بطرق فرعية ممتدة للأحياء السكنية، إلا أنه يعاني من تعرجات عديدة بسبب مخلفات الشركات المنفذة لمشروع تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي الذي لا يزال العمل مستمرا فيه، ولكنه لم يكتمل بعد». من جانبه، قال أحمد الشريف «إن طفح مياه الصرف الصحي يسبب لنا حرجا في التنقل عبر الطرق، خصوصا أن هذه المياه تستمر لأسابيع، وفي الأخير تردمها الشركات عشوائيا، ما يجعلها في شكل تعرجات غريبة، يظن الزائر أنه يمشي على سفح جبل، ما أدى لتكسر سياراتنا بشكل يومي». وأشار مسعود اليامي إلى أن حي البلد وأبا السعود يعاني من ضعف الإنارة خصوصا في الشوارع الفرعية، التي يبلغ العمر الافتراضي لبعضها أكثر من 35 عاما، كما أن الأرصفة هي الأخرى مهترئة وقديمة لم تتغير، وهي بحاجة إلى عمل وتطوير يليق بها بعد أن أهملت بشكل لافت، مطالبا بتنظيف الطرق. حفر الصرف وتنتشر على معظم الطرق الرئيسة والفرعية، مطبات بسبب حفريات الصرف الصحي التي يستحدثها أصحاب المباني السكنية دون أية مراقبة من الأمانة، واستغرب محمد علي آل عدينان، استحداث هذه الحفريات مع بدء العمل في مشروع الصرف الصحي، لافتا إلى أن طرق الحي شوهته شركات المقاولات بعدم ردم الحفريات التي تستحدثها، اضافة إلى آبار الصرف الصحي الإضافية التي يستحدثها الأهالي أمام منازلهم على الطرق أو الأرصفة المحيطة بها ما يؤدي لانهيار الطرق وظهور تعرجات فيها، مشيرا إلى أن غياب رقابة الأمانة، وعدم اهتمامها بمتابعة شفط مياه الصرف الصحي من الطرق، يؤثر مستقبلا على تلوث مياه الآبار الجوفية التي يعتمد عليها السكان. سوق التمور تشتكي سوق تمور نجران منذ أكثر من 40 عاما من الإهمال وضيق مكانها وتنقلها من موقع إلى آخر بمظهرعشوائي لا يليق بها «بهذه الكلمات أبدى أصحاب المحلات في السوق والباعة من أهالي نجران استياءهم من عدم الالتفات لهم وتحقيق مطالبهم، في ظل مطالبة الأمانة ومركز إمارة أبا السعود بإخلاء موقعهم الحالي في حي أبا السعود إلى أماكن مجهولة، عقب نقلهم قبل عامين إلى موقع جهزته الأمانة بطريقة عشوائية ولا يصلح أن تكون سوقا للتمور لضيق محلاته». وقال مواطن «إن مركز شرطة أبا السعود ومندوب الأمانة طالبا جميع أصحاب (العشش) والخيام بإخلاء الموقع الحالي، فيما رفض أصحاب محلات التمور إخلاء الموقع دون تخصيص موقع لائق لهم، يحفظ تمورهم ويحد من خسائرهم التي لم تجد تعويضا ماديا، رافضين اقتراحات بتخصيص مواقع مؤقتة داخل حلقة الخضار الضيقة التي لا تتعدى مساحة المحل الواحد منها ثلاثة أمتار، إضافة إلى رداءة المكان، واختلاط الخضار بمخلفات الحلقة والروائح الكريهة، التي لاتليق بتمور نجران». ويطالب بعض كبار السن من بائعي التمور، وهم علي قاسم (أبو حمدة)، عيضة العريف، علي مرجع، علي آل شهي وعدد آخر من مسوقي التمور على سياراتهم الخاصة، بإيجاد سوق تابعة للأمانة تليق بالمنطقة والتأريخ العريق للتمور فيها، دون أن يترك الإنتاج للشمس والغبار، ما يعرضه بشكل يومي للتلف والتعفن بسبب الأمطار، مشيرين إلى أن التمور في السوق الحالية لا تغطى إلا بقماش وبلاستيك، وتساءلوا «لماذا تنقل محلاتنا كل مرة إلى موقع ويعدوننا بسوق جديدة، ثم يتراجعون عن ذلك، وما زلنا نتطلع لإيجاد حل جذري لنا بدلا من وضعنا داخل سوق حلقة الخضار، أو إجبارنا على الاستئجار من بعض المستثمرين، حيث إن إمكانياتنا لا تسمح بذلك، نظرا لقلة مردود التمور كونها موسمية وليست يومية. وكان مركز شرطة أبا السعود قد أبلغ الباعة بمغادرة موقعهم الحالي ونقل تمورهم وأغراضهم منه، ووقع البعض على تعهد بالنقل وإخلاء الموقع بحضور مندوب أمانة المنطقة. وكشف أمين منطقة نجران المهندس سعد بن فايز الشهري، استبدال الأعمدة والأرصفة بأخرى جديدة في بعض طرق أبا السعود، لافتا إلى أن موقع مشروع ممشى أبا السعود سلم للمقاول لتنفيذه من بلاط الإنترلك الملون، والأعمدة الديكورية، والكراسي، والأحواض، إضافة إلى تنظيم الأمانة لسوق الأغنام والحراج في ماقان، والانتهاء من تركيب المظلات الحديدية، وعمل الأرصفة الملونة.