اطلعت على العدد (625) لشهر ديسمبر 2010م من مجلتنا المحبوبة المخضرمة (العربي)، ومن منا من لا يطرب لها؛ فهي مصدر ثقافته منذ أكثر من نصف قرن. أقول إنني من المتابعين والمعجبين بهذه المجلة الرائدة منذ نشأتها وفي عددها المذكور قرأت متتبعا (إندونيسيا .. الوحدة في التنوع) وتحديدا (الإسلام في إندونيسيا) وكنت في قراءتي لهذا الموضوع أتطلع إلى دور عبدالعزيز الرشيد الذي بعثه الملك عبدالعزيز إلى هناك عام 1349ه ليصلح بين فئتين متنازعتين على الرغم من أنهما تنتميان للإسلام، وكلتاهما في الأصل من أبناء العروبة من حضرموت (الإرشاديين والعلويين) وكما ذكرت المجلة في استطلاعها باختصار أن إندونيسيا «.. هذا البلد الذي يضم أكبر تجمع سكاني من المسلمين في أرجاء العالم يعيشون في 17 ألف جزيرة تجسد جغرافية المكان، ستة آلاف منها فقط مأهولة بالسكان، ويتكلمون 262 لغة محلية، ويتنوعون في 240 جماعة عرقية، ويشكلون 230 مليونا». وعلى الرغم من أن هذا الاستطلاع قد أخذ من المجلة 30 صفحة من صفحة 36 وحتى صفحة 65 وكان الجانب الثقافي الديني الأكثر تناولا، نذكر لمحة مما ورد «.. وحتى في كل هذه المساجد التي دخلناها سواء مسجد الاستقلال [بجاكرتا العاصمة والذي يتسع ل 200 ألف مصل] أو مسجد المركز الإسلامي أو مسجد القبة الذهبية أو مسجد مجمع هيئة العلماء وغيرها، كان هناك دائما طبل ضخم يستقر في أحد أركان المسجد وقد كانت هذه الطبول تستخدم للنداء للصلاة قبل اختراع مكبرات الصوت بسبب اتساع المدينة والزيادة الكبيرة لعدد السكان ...» وذكر أن دخول الإسلام إلى إندونيسيا يعود إلى القرن الثالث عشر عن طريق التجار العرب الذين عرفوا الطريق إليها من القرن الثامن الميلادي. واستقر الكثيرون منهم في إندونيسيا خصوصا أهل اليمن، والذين عرفوا عن طريق التجار العرب الذين عرفوا بالحضارمة وقد زارت المجلة ممثلة ببعثتها الصحافية (مجلس العلماء) للتعرف إلى دوره في تسيير شؤون المسلمين، وحضرت جلسة طارئة للجنة الفتوى التي عقدت جلستها لبحث موضوع مستجد أثير في الصحف الإندونيسية فحواه إن القبلة في إندونيسيا قد تغير اتجاهها وفقا لمن قالوا إن الأرض قد تعرضت لبعض التغييرات بسبب الزلازل. ولفت انتباههم أن عددا غير قليل من الحضور كان من السيدات وعرفوا أنهن كلهن عضوات في لجنة الفتوى وفي مجلس العلماء!!. ويقدم مجلس العلماء برامج توعوية دينية .. وقال: «.. ويتخذ المجلس صيغة مؤسسة دولية لها علاقات مع المجالس الشبيهة في ماليزيا وسنغافورة وباقي دول آسيا، وتعتمد في الفتاوى على اجتهادات أعضاء المجلس بعد بحث أية مسألة مع ممثلين من الهيئات الإسلامية الست والثلاثين الموجودة، مما يعني أن القرار في الفتاوى قرار جماعي وليس فرديا».أقول تتبعت ما نشر فلم أعثر على اسم ودور عبدالعزيز الرشيد (البداح) الذي بعثه الملك عبدالعزيز إلى جاوة بإندونيسيا عام 1349ه وظل بها حتى توفي بجاكرتا عام 1356ه وقد التقى الرشيد بالملك عبدالعزيز في الأحساء في مطلع شهر شوال عام 1348ه حيث دعاه للحج، فقال في رسالة بعثها إلى صديقه إبراهيم بن محمد الخليفة في البحرين «.. وقد أظهر جلالته أخيرا رغبته في سفري إلى (جاوه) لبعض الشؤون، وتفضل علينا بمائة جنيه إنكليزي وبكسوة فاخرة ..». وما أن انتهى موسم الحج من ذلك العام حتى كان الشيخ عبدالعزيز على إحدى بواخر الحجاج في طريقه إلى جاوه بإندونيسيا للاطلاع على أحوال المسلمين والعرب الحضارم فيها، وكان قد بلغ من العمر أربعة وأربعين عاما. وقد التقى هناك بالسائح العراقي يونس بحري فاشترك معه في إصدار مجلة (الكويت والعراقي) والذي صدر عددها الأول في سبتمبر 1931م جمادى الأولى 1350ه وقد استمرت سنتين، وهي مجلة دينية أدبية أخلاقية تاريخية مصورة، وقد أهدي العدد الأول إلى الملك عبدالعزيز بهذه العبارة: «فهذه هديتنا يا مولاي نقدمها إلى سدتكم الملوكية بيد الحياء والخجل، وما كان لنا أن نتقدم إلى جلالتكم لولا علمنا بتنشيطكم لكل داع إلى الحق ومخلص للدين ودعاته أيا كان، وفي أي محل، فهل يا مولاي ستجبر منا القلوب بقبول هذه الثمرة التي اقتطفناها من غصن حياتنا في سبيل الإصلاح والإرشاد فتلبسنا بهذا التنازل بردا من التشجيع قشيبا يدفعنا إلى العمل بقوة ونشاط؟».أما عن سبب التسمية بهذا الاسم فقال: الكويت هي مسقط رأس صاحبها، وأضيف إلى هذا الاسم (السائح العراقي) الذي هو أحد صاحب المجلة ليدل على اسمه الكامل المعروف مع ملاحظة قطره الذي ينتمي إليه، ثم أردف قائلا: «هذه المجلة (الكويت والعراقي) نقدمها إلى القراء الكرام في عاصمة البلاد الجاوية التي نراها في أشد الحاجة إلى مثلها، قياما بما علينا من واجب محتم لديننا المقدس وأبنائه الأماثل، وحسبنا شرفا بإنجاز مشروعنا اليوم أن نكون من أنصار الحق في وقت قل فيه مساندوه، ومن دعاة الفضيلة في عصر كثر قائلوها، وستعنى هذه المجلة بشرح حقيقة الدين الإسلامي وتنقيه من كل ما ألصق به من بدع ..». وبعد توقف المجلة المذكورة، أصدر الرشيد مجلة أخرى هي (التوحيد)، وبقي هناك سبع سنوات تزوج بها حتى توفي عام 1356ه. قال عنه الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في (تاريخ الإعلام في الجزيرة العربية) إنه لم يعمر طويلا (51 عاما فقط) لكنه عاش العقد الأخير من حياته في بلاد الجاوة وتزوج هناك، وأصدر مجلتين. كما تطرق إلى دور عبدالعزيز الرشيد في الدعوة بإندونيسيا بالتفصيل الدكتور يعقوب يوسف الحجي في كتابه الضخم (الشيخ عبدالعزيز الرشيد سيرة حياته) والصادر من مركز البحوث والدراسات الكويتية في سنة 1993م ب 670 صفحة. إنني أستغرب من مجلة رصينة كمجلة (العربي) أن تغفل ذكر مثل هذا العلم البارز ولو بشكل عابر ومختصر؛ لأنني أريد لها أن تبقى كالشمس المشرقة المنيرة في حياتنا الثقافية، وأريد لها القوة والتأييد والتقدم. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة