التوجيه الذي نشرته الصحف في 1صفر 1432ه لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بعدم استخدام الواجهات البحرية في أي مشروع بطريقة تمنع المواطنين والمقيمين من التمتع والتنزه على البحر هو توجيه في غاية الأهمية بالنسبة لإصلاح بعض ما ضيع من الواجهة البحرية في جدة وغيرها من المدن الساحلية وحماية ما تبقى منها. وقد تبع ذلك في 20 صفر خبر عن مناقشة سموه لما تم بخصوص الكورنيش الأوسط المتاخم لنادي الفروسية بحي الحمراء بما في ذلك فتح الجهتين الجنوبية والشمالية من النادي للجمهور وتوفير الخدمات والحدائق والمناطق المفتوحة وممرات المشاة ومواقف السيارات وفق أحدث المواصفات لتكون متنفسا للزوار. هذه التوجيهات والمتابعات ستكون إن شاء الله بادرة مشروع كبير لإعادة زينة عروس البحر الأحمر وبسمتها. لقد بدأ سموه بتوجيهاته مسيرة إصلاح الكورنيش ولكن كيف نضمن استمرار هذه المسيرة وتقدمها في الطريق الصحيح حتى تصل بساحل جدة إلى المستوى اللائق به؟ في البداية أعتقد أنه يجب أن يكون هناك وضوح تام في المفهوم وخاصة من قبل الجهات التي يقع على عاتقها حماية الكورنيش وتطويره وأهم هذه الجهات أمانة مدينة جدة ثم كافة الجهات التي لها علاقة بالكورنيش من قريب أو بعيد. يجب أن تعلن الأمانة وكل جهة من هذه الجهات بكل شفافية ماذا تعني لها توجيهات سمو الأمير خالد، وفي رأيي أن ذلك يتطلب وضع لائحة تنفيذية للكورنيش وقواعد واضحة ومعلنة تشمل كافة التفاصيل ولا تترك مجالا للاجتهاد أو للتلاعب. لا نريد أي ردم للساحل ولا نريد أية مبان جديدة تحجب رؤية البحر أو تعيق وصول الجمهور إليه أيا كان هدف هذه المباني سواء كانت مطاعم أو ملاهي، فالمواقع المناسبة لهذه المباني ليست على ناحية البحر وإنما على الناحية الأخرى من الكورنيش بحيث تكون قريبة من المتنزهين دون أن تكتم أنفاسهم وتحرمهم من حقهم في الاستمتاع بطبيعته الخلابة. نريد توسعا في المناطق المفتوحة على البحر المحتوية على أماكن واسعة للجلوس ومسارات للمشي ومواقف للسيارات كما هو موجود في بعض الأماكن المفضلة على الكورنيش التي يعرفها الجميع، بل نريد أن يكون كل الكورنيش على نمط هذه المناطق أو أفضل منها. نريد إزالة كل المشاريع الاحتكارية السابقة المتاخمة للماء حال انتهاء عقودها فهذه المشاريع بنيت بموجب تخطيط سيئ وقد استغلها أصحابها بما فيه الكفاية، بل إنني أدعو أصحاب هذه المشاريع إلى أن يتفاعلوا مع توجيهات سمو الأمير ويبادروا بالتنازل عن المدد الباقية لهم من الإيجار ويقوموا بنقل مشاريعهم إلى الجهات المقابلة من الكورنيش، كما أدعو الأمانة إلى تشجيعهم على ذلك ومساعدتهم بتوفير مواقع بديلة جيدة. وعلى الأمانة أن تضمن للمشاريع المبنية في المواقع الصحيحة على الكورنيش المحافظة على إطلالتها، فليس من المعقول أن يفاجأ مستثمرون تنص صكوكهم على أنه تحدها الواجهة البحرية ثم تقوم الأمانة بردم البحر أمامهم وتأجير المواقع والسماح بالبناء فيها. لا أعتقد أن مثل هذا التصرف المجحف مقبول في أية دولة من دول العالم ونريده أن يتوقف تماما. يجب زيادة المنافذ والشوراع المؤدية إلى الكورنيش وليس كما هو حاصل في أبحر الشمالية حيث يمكن أن تقطع بسيارتك مسافات طويلة دون أن ترى الشاطئ أو تحس أنك تسير بمحاذاته. العمارات الفارهة التي أخذت تنتشر على الكورنيش أيضا تحتاج إلى التنظيم لكي لا تزدحم وتسبب الكثير من الاختناقات المرورية للكورنيش وتحجب الهواء عن الأحياء المتاخمة لها. لقد أدى التوجه السابق للمشاريع الساحلية المعتمدة على الاحتكار والانغلاق إلى تشويه الواجهة الساحلية وهجرة السياحة إلى أماكن أفضل تخطيطا وجمالا، وقد آن الأوان للجهات المسؤولة عن التخطيط بالتعاون مع القطاع الخاص أن تدعو أفضل المعماريين والشركات العالمية لتخطيط مدن ساحلية سياحية جميلة تجذب السياح وتتيح لهم فرص الاستمتاع بجمال الطبيعية والهدوء والاستجمام. ويجب أن يتنبه القطاع الخاص إلى مقدار الخسارة الهائلة التي خسرتها جدة بسبب تدهور واجهتها البحرية. ثم ماذا عن مياه شواطئنا الدافئة؟ ألم يحن الوقت لكي نلتفت إليها وأن نوقف استعمالها كمكب للنفايات وبيارة لاستقبال الصرف الصحي مكتفين بوضع لوحات مكتوب عليها «ممنوع السباحة» تفضح هذين الفعلين المشينين؟ متى نشعر بفداحة هذه التصرفات أو، بالأحرى، الجرائم البيئية ونوقفها؟ متى ترجع مياهنا نقية صالحة للسباحة والغوص وانتعاش الحياة البحرية ؟ متى نضع قوانين تمنع استعمال البحر كمضمار لسباق دبابات الجيت سكي معرضين أرواح الكثيرين للخطر؟ لقد أمسك الفنان خالد الفيصل، بريشته، وعلينا جميعا، مسؤولين، ومستثمرين ومواطنين أن نجعل اللوحة البحرية التي بدأ يرسمها تعكس جمال جدة الحقيقي الذي يكمن في ذاكرتنا والذي نحس جميعا أنه يمكن إخراجه إلى العالم من جديد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة