مقالي هذا أكتبه من دولة الكويت الشقيقة، حيث دعيت لحضور مهرجان ربيع الشعر الرابع في الفترة مابين 21 23 من شهر مارس الجاري، و الذي يتزامن افتتاحه مع اليوم العالمي للشعر والذي تنظمه مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري. شارك في حفل افتتاح المهرجان العديد من الشعراء والنقاد والكتاب والمثقفين العرب والأجانب إلى جانب وفود وشخصيات رسمية أجنبية، من بينهم رئيس جمهورية البرتغال ورئيس البرلمان في جمهورية مالطا، ناهيك عن رئيس مجلس النواب الكويتي محمد جاسم الخرافي. المؤسسة العتيدة تأسست العام 1989 على يد الشاعر ورجل الأعمال المعروف في الكويت والخليج والوطن العربي عبد العزيز البابطين الذي اعتبر إنشاء المؤسسة لم يكن ترفا ثقافيا وفكريا أو استعراضا للإمكانيات المالية أو طلبا للوجاهة الشخصية، بل كان عزما على تأكيد دور الشعر في حياة الأمة، باعتباره من أهم الأجناس الأدبية العربية، وهو ديوان العرب وسجلهم الموثق الذي تغلغل في أدق شؤونهم فدونها وحفظها. إلى جانب تلك الجائزة هناك العديد من المناشط الثقافية الرائدة نذكر من بينها جائزة عبد العزيز سعود البابطين «أحفاد الإمام البخاري» وهي تعنى بمد وترسيخ الجسور بين البلدان العربية والدول الإسلامية، كما هناك بعثة سعود البابطين الكويتية للدراسات العليا، والذي وصل عددهم حتى الآن بين دارس وخريج إلى أكثر من 7000 طالب. كما نذكر مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في الكويت، ومركز البابطين للترجمة ومركز البابطين لحوار الحضارات الذي تأسس في العام 2005. لقد تعمدت التطرق إلى بعض منجزات هذه المؤسسة غير الربحية باعتبارها نموذجا يحتذى، و ينبغي على كبار رجال المال والأعمال في بلادنا الاقتداء بها. بطبيعة الحال ووفقا للمثل القائل «لو خليت لخربت» توجد بعض الحالات والنماذج الخيرة المماثلة في بلادنا، لكنها قليلة ونادرة، ولعل أبرزها اثنينية رجل الأعمال السعودي المعروف عبد المقصود خوجة التي تشكل استثناء للقاعدة العامة لوضع رجال الأعمال في بلادنا، في حين نرى كبار رجال الأعمال في الولاياتالمتحدة والدول الغربية وغيرها يرصدون المليارات من أموالهم في الأعمال الخيرية والمناشط الثقافية والعلمية والصحية. الدورة الرابعة لمهرجان ربيع الشعر العربي لهذا العام تضمنت إلى جانب الأمسيات الشعرية عقد ندوتين. الندوة الأولى كرست للشخصية الوطنية الكويتية البارزة الشاعر والتربوي والإداري والسياسي المخضرم أحمد السقاف. وقد شارك فيها الوزير الكويتي السابق الدكتور يعقوب الغنيم من الكويت، والدكتور محمد حسن العبد الله من مصر، أما الندوة الثانية التي أدارتها الدكتورة سعاد المانع من السعودية فقد كرست للشخصية الوطنية السعودية الكبيرة والمتعددة المواهب، الشاعر والروائي والأكاديمي والإداري والوزير والدبلوماسي الدكتور غازي القصيبي. شارك في تلك الندوة الدكتور عبد الله المهنا من الكويت والأستاذ جهاد الخازن من لبنان كما تداخل فيها بشكل معمق الدكتورة نورة الشملان (السعودية) والدكتور محمد الصفراني (السعودية) الذي له العديد من الكتب والدراسات والمقالات عن الفقيد الكبير. هناك أوجه تشابه كبير بين الشاعرين الراحلين. الشاعران القصيبي والسقاف اللذان رحلا في يوم واحد هو 15 8 2010 لم يتفرغا إلى الأدب والشعر والكتابة رغم نتاجهما الغزير حيث احتلا مناصب إدارية رفيعة في الأجهزة الحكومية، وكان عملهما في تلك الأجهزة تعبيرا صادقا عن مدى التزامهما المبدئي بالمصالح العليا للوطن والدولة وقد اتسمت سيرتهما العطرة طوال عملهما بالنزاهة والصدق والشفافية، غير أن العمل الحكومي الذي أخذ منهما الكثير من الوقت والجهد، يتسم بصفة عامة بالبيروقراطية الراسخة والعصي على التغيير، وهو ما شكا منه الراحلان وتكلما عنه بنوع من الإحباط. هناك خصيصة مشتركة أخرى تجمع الراحلين وهي تجاوزهما لمختلف الهوايات والانتماءات (الطائفية والمناطقية والقبلية) الفرعية، وصدق التزامهما بالهموم القومية وبقضايا وتطلعات الشعوب العربية في التحرر والحرية والكرامة والعدالة. وقد جسدا ذلك في سيرتهما الحياتية والعملية والإبداعية على حد سواء. في نهاية ندوة القصيبي قدم الشاعر عبد العزيز سعود البابطين مدير عام المؤسسة وساما تذكاريا لنجل الفقيد (فارس) الراحل . كما تكفلت مؤسسة البابطين للإبداع الشعري بإعادة إصدار الأعمال الكاملة للشاعرين الكبيرين. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة