ساهمت حالة الجفاف التي اجتاحت محافظة بيشة منذ سنوات في تدني إنتاج التمور كما وجودة، بينما يظل المصنع الوحيد في المحافظة «مصنع شركة بيشة الزراعية» يصارع لحفظ ماء وجه الشركة، وسط الظروف التي تواجهها وبطاقة أقل من طاقته الإنتاجية المقدرة ب 1400 طن في السنة. تركز عمل المصنع هذا العام في تأجير البرادات الكبيرة لأحد المستثمرين في مجال التمور لتبريد كميات من التمر الصفري لغرض تسويقها مستقبلا. وأرجع مسؤولو الشركة أسباب تقليص إنتاج المصنع لأسباب تسويقية، ومنافسة التصنيع اليدوي التقليدي ورخص قيمته عند المستهلك. وأشار العضو المنتدب للشركة عبدالله خفير القرني إلى أن المصنع صمم لإنتاج عبوات «التنك» بطريقة القفل الأوتوماتيكي لعبوات سعة 1كجم إلى 5كجم، كما ينتج عبوات مختلفة الأوزان والأحجام بطريقة التشكيل الحراري، وأخرى بطريقة تفريغ الهواء وجميعها تتم بتعقيم التمور لحفظها من التسوس، مشيراً إلى أنه يمكن الاستفادة من التمور في صناعة الدبس وهو مادة غذائية متكاملة لكن الظروف المحيطة بالشركة وطول فترة تجميد نشاطها في سوق المال أحبط كل الأفكار والرؤى لتطوير إنتاج المصنع وتنويعه وتسويقه بشكل أوسع. محمد هذال الأكلبي أحد أبرز المنتجين والمستثمرين في مجال تسويق التمور في بيشة يقول إن نقص المياه في المحافظة ساهم في تقليص كميات التمور المنتجة في بيشة وضعف جودتها، ما أحبطني شخصيا. فقد حصلت على ترخيص من وزارة التجارة لإنشاء مصنع للتمور في بيشة وبدأت فعليا في الإنشاء، لكنني توقفت قبل استكماله لأسباب تدني إنتاج المزارع وقلة التمور ذات الجودة، لكن متى عادت المياه وعاد الإنتاج كما كانت عليه مزارع المحافظة سأكمل إنشاء المصنع والعمل في الإنتاج بما يحقق منتجا ذا مواصفات عالية من الجودة، فتمور بيشة والصفري تحديدا يعتبر من أفضل تمور المملكة، ولها مستهلكون كثر داخل المملكة وخارجها. من جهته قال مدير عام الزراعة في بيشة المهندس سالم بن محمد القرني: تنتج بيشة حاليا عددا من الأصناف المشهورة أبرزها الصفري الذي يمثل 90 في المائة من كميات التمور التي تنتجها مزارع المحافظة، مشيرا إلى أن الوزارة تشجع التصنيع والاستثمار في هذا المنتج، وتقدم كل مالديها من إمكانات لخدمة المنتجين والمستثمرين. وأشار القرني إلى أن مزارع بيشة أنتجت العام الماضي 74.121.750 كجم من التمور يمثل الصفري نسبة 90 في المائة بينما تأتي أصناف أخرى بنسبة 10 في المائة أبرزها الشكل والبرني، مضيفاً أن الكمية في السابق كانت أكثر بكثير لكن تعرض المحافظة للجفاف قضى على نصف المزارع تقريبا فتقلص الإنتاج وضعفت الجودة لقلة المياه. ويرى المستهلك فلاح الشهراني أن تمور بيشة بحاجة إلى مصانع متطورة بعيدا عن التقليد المتمثل في كبس التمور يدويا، وما ينتج عنه من غش يقوم عليه عمال أجانب همهم الكسب دون النظر في جودة المنتج، ويرى أن الاعتماد على التصنيع المتطور يساهم في إيجاد عبوات بأحجام مختلفة تساعد المستهلك أيا كانت قدرته المادية على شراء ما يحتاج من التمور، مع تنويع طرق الإنتاج، وابتكار صناعات غذائية جديدة تدخل التمور في تصنيعها بشكل رئيسي، وعلق الشهراني آمالا على عودة نشاط مصنع التمور الوحيد في بيشة مع تنويع إنتاجه. مستثمرون يرون أنهم اعتادوا على شراء التنك المعبأ يدويا، ولهم عملاء معينون في بيشة وخارجها، لكن هناك مضايقة شديدة من العمالة الأجنبية التي هيئت لها أسباب العمل بلا رقابة أو بالتستر عليهم، فعاثوا في صناعة التمور وتعبئتها عبثا أساء للتمور بشكل عام فهم لايعيرون الجودة أو النظافة أو الكمية أي اعتبار، همهم الكسب ولا غيره، فانتشر الغش وساءت السمعة، وأصبحنا نتحرج من أفعالهم كونهم يعملون معنا في سوق واحدة، ورغم محاولاتنا إرشادهم بأن هذه الأفعال ليست من عمل المسلمين «من غشنا فليس منا» لكنهم لا يبالون مع مباركة الجهات الرسمية المعنية لهم ولمخالفاتهم. أحدهم قال إنه يعمل في هذا المجال منذ أن وصل للمملكة، واعتاد مع كفيله شراء التمور من المزارع مباشرة وتجميعها في حوش وتعبئتها في تنك ولا يحرص على النظافة جيدا، كما لا يحرص على الكبس الجيد، وأحيانا يضع التمور الجيدة أسفل وأعلى التنكة، بينما التمور التي في وسط التنكة رديئة. وعندما يكتشف المشتري ذلك يهرب من المسؤولية بأن التمور مشتراة جاهزة ومصدر الغش ليس من عندهم، وكثير من المرات يمر بيع التمور المغشوشة مرور الكرام. إبراهيم البيشي يحرص على العناية بالتمور التي يتولى تعبئتها يدويا. ويضيف البيشي أنه يفكر جديا في الاستفادة من النوى لتصنيع القهوة المنتجة من نوى التمور، ويؤكد أن النوى مادة مهملة رغم احتوائها على زيوت ومادة مغذية ومفيدة للمعدة ويمكن استغلاله بتحويله إلى مسحوق تجهز منه قهوة خاصة، وهذا غائب عن المستثمرين في بيشة بينما استفاد منه الآخرون خارجها.