في العدد الصادر من جريدة عكاظ يوم الأربعاء 6 / 3 / 1432 ه الموافق 9 فبراير 2011 م ، كتب محمد بن سليمان الأحيدب في زاويته اليومية بصوت القلم مقالا تحت عنوان «منع الولاعات في الدول العربية»، وكان عن الثورة التي أحدثها بو عزيزي في تونس، ومما جاء في المقال ولفت انتباهي جملته التي قال عنها إنها اعتراضية حيث قال: وبمجرد أن نجحت ثورة تونس في التخلص من الرئيس بسرعة تكررت أنباء حرق رجل نفسه في أكثر من دولة عربية. فصفع المرأة لبوعزيزي إن صحت تبقى حالة فردية لا يصح تعميمها والحكم هكذا بإطلاق بناء عليها على المرأة بأنها وراء كل ظلم !، فذلك مما لا ينبغي ولا يصدق مع الواقع ولا أتفق فيه مع الكاتب الكريم، ذلك أنني كنت ومازلت أصنف نفسي من أنصار المرأة الأم والابنة والأخت والزوجة والعمة والخالة والمرأة الإنسانة، وسأظل أقاوم كل أشكال التمييز ضدها، من إقصاء أو تهميش أوعزل عن الحياة العامة. فتلك هي الفطرة التي فطر الله النفس الذكورية السوية عليها. ولا أشك لحظة واحدة في أن الإسلام أنصف المرأة وأعطاها كل حقوقها الإنسانية، ولكنني أيضا على يقين كامل أننا في مجتمع أهمل المرأة واضطهدها من منطلق نظرة دونية تعامل بها نحو المرأة، فهي في أحسن الأحوال ليست قاصرة فقط كما فهم البعض خطأ مفهوم القوامة في الشرع، بل تحتاج إلى ما هو أكبر من ذلك، فهي من الدونية بحيث تستحق السيطرة والتحكم في المصير بل والإذلال. وهذه الحال هي ثقافة ذكورية فوقية لم يستطع الكثير من الرجال الانفكاك عنها وظل يمارسها بالتوارث تحت سطوة ثقافة مجتمعية سائدة بل حتى أن بعض القضاة في مجتمعنا لم يستطيعوا أن يتخلصوا منها وهم ينظرون إلى قضايا المرأة في المحاكم معاقل العدل والإنصاف، والأدلة على ذلك أكبر من أن تحصى. وللإنصاف والبعد عن جلد الذات نستطيع أن نقول إن هناك اضطهادا آخر ونظرة دونية للمرأة في مجتمعات الشرق والغرب أيضا بنسب متفاوتة، يؤكد هذا أقوال عديدة شائعة ومن أدبيات هذا الواقع السيئ العنصري تجاه المرأة ما قيل: أنه سأل أحدهم رجلا عن السبب في عدم زواجه طيلة حياته، فقال له: إنني أفضل أن أمضي حياتي وأنا أريد شيئا ليس عندي على أن يكون لدي شيء لا أريده. وقول أحدهم: كل رجل لا بد أن يتزوج فالسعادة لا تدوم إلى الأبد. وأيضا بالغوا حتى قالوا: الحكماء لا يتزوجون وعندما يتزوجون يفقدون الحكمة. وهناك من يحث على الزواج ليس من الودود الولود وإنما ممن تملك الكثير من النقود.. ولكيلا يسيء البعض الفهم هنا فإنني أكرر أن الإسلام حقا أنصف المرأة ووضع الأسس التي تكفل لها المساواة والحقوق في الحياة، كما سن القوانين التي تصون كرامة المرأة وتمنع استغلالها جسديا أو اقتصاديا أو بأي شكل آخر، ولكن يبقى أمام وصول المرأة إلى وضعها العادل وخاصة في المجتمعات الشرقية ومنها مجتمعنا هو العادات والموروثات الثقافية والاجتماعية التي تضرب بجذورها في أعماق نفسية الرجل الشرقي الذكورية، ولذا من المهم جدا الانتقال من النظريات إلى التطبيق وفق آليات محددة تنصف المرأة لا تجعلها مصدر الظلم كما قال الكاتب الأحيدب غفر الله له. م. فريد عبد الحفيظ مياجان جدة