حمل القضاء وزارة النقل مسؤولية دفع دية متوفى في حادث مروري بعد أن ثبت تقصير الوزارة في احتياطات السلامة لدى تنفيذها تعديلات في طريق جدة جازان الساحلي، إذ أصدرت المحكمة الإدارية في ديوان المظالم في جدة حكما ضد وزارة النقل لصالح ورثة أحد المواطنين يقضي بإلزامها تعويضهم بالدية الشرعية المقررة ب 100 ألف ريال. واعتمدت المحكمة في تحميل الوزارة مسؤولية الحادث على تقرير مروري يؤكد أن الحادث الذي أودى بحياة المواطن وقع منتصف الليل في طريق معدل تحويلة وأن الخطوط الأرضية الموضحة لمسار الطريق القديم لم يتم تعديلها وفقا للمسار الجديد. وانتقد الحكم الصادر ضد وزارة النقل (حصلت «عكاظ» على نسخة من الحكم) اكتفاء وزارة النقل بوضع أكوام من الرمل بكميات متفاوتة على ما تبقى من الطريق القديم دون إزالة للإسفلت وما عليه من خطوط توضيحية. بدوره، طلب ممثل وزارة النقل رد دعوى المدعي وتقرر رفع الحكم لمحكمة الاستئناف لتدقيق الحكم في الأيام المقبلة. إلى ذلك، جاء في نص الحكم «بعد نظر الدعوى ثبت للمحكمة أن مورث المدعين توفي بتاريخ: 13/8/1430ه، نتيجة حادث مروري، وفقا لشهادة الوفاة الصادرة عن إدارة الأحوال المدنية، وتخطيط الحادث المذيل بختم وحدة الحوادث بقسم مرور محافظة الليث، كما أن الثابت وقوع الحادث بعد منتصف الليل في مسار معدل عن الطريق القديم «تحويلة»، وأن الخطوط الأرضية الموضحة لمسار الطريق القديم كما كانت رغم تعديل الطريق وإلغاء السير على القديم وأصبحت والحالة تلك متشابكة مع الخطوط الأرضية للمسار المعدل الجديد، إضافة لخلو الطريق المعدل من الإضاءة ومن اللوحات الإرشادية والتحذيرية والحواجز الاصطناعية التي تنذر بتحول المسار وانقطاع الطريق القديم وفقا للصور المقدمة للمحكمة التي تتطابق مع مكاتبات القوات الخاصة لأمن الطرق لوزارة النقل». وتضمن الحكم: «والتي نصت على عدم وجود لوحات وإنارة وأكتاف جانبية للطريق وإسفلت من القديم لا توجد عليه أي علامات تدل على أنه غير صالح للسير عليه أو أنه تم تحويل الطريق إلى غيره، علما بأنه غير صالح للسير عليه تماما وعدم وجود لوحات إرشادية على امتداد الخط وتوجد تحويلة قبل جسر الروبيان بنصف كيلو تقريبا ولا توجد أية لوحة أو أية إشارة تدل على تحويل الخط». وزاد منطوق الحكم: «من الثابت اكتفاء وزارة النقل بوضع أكوام من الرمل بكميات متفاوتة على ما تبقى من الطريق القديم دون إزالة للاسفلت وما عليه من خطوط توضيحية ودون إلغاء لبعض اللوحات الإرشادية للطريق القديم التي توهم بصلاحية سلوكه خصوصا في ساعات الليل مع عدم صلاحيته البتة». وشمل الحكم: «كما أن الطريق مرفق عام وإنشاؤه في موقع حادث السير هو سعي من المدعى عليها وزارة النقل لتحقيق نفع سالكيه وحمايتهم من الضرر المحقق الذي رافق الطريق القديم فإنه والحالة تلك كان الواجب عليها أن تفعل كل ما في وسعها لدفع الضرر ابتداء من إقامة الطريق حتى تمامه مع العناية بالطريق المعدل وتصميمه وفقا للأساليب الفنية المحددة والضوابط المرورية المتبعة لأنه مرتكز أساس في المشروع ومظهر أصيل في العناية بالأنفس والممتلكات بل كان في وسع وزارة النقل إضاءة التحويلة، وكافة مسار الطريق المعدل، خصوصا وأنها في منعطف الطريق». وأفادت المحكمة الإدارية في نص حكمها: «إضافة إلى أن من المسلم به أن جهة الإدارة إذا شرعت في إنشاء مرفق عام فإنها ملزمة في إنشائه بقواعد السلامة وبكل ما من شأنه المحافظة عليه، لأن أي تقصير ينجم عنه ضرر هو من مسؤوليتها وهذا ما تمليه مسؤوليتها، فجهة الإدارة بمجرد إنشائها لأي مرفق ملزمة نظاما وبدون حاجة إلى نص خاص على ذلك، في الأنظمة واللوائح التي تنشئ بها تلك المرافق بأن تشرف على إقامتها وتنظيمها وصيانتها وفق نسق محدد، وإخلالها بذلك الالتزام يعني مساءلتها، وتحملها للمسؤولية في حال التفريط والإهمال». وأوضحت المحكمة في النص أيضا أنه «وفقا للمعيار العام في المسؤولية وأنه وإن كان صوابا للمدعى عليها وزارة النقل أن تقوم بتعديل مسار الطريق القديم وتحويله إلى آخر جديد وإقامة ما يستتبع ذلك من أعمال إنشائية للطريق (ومنها إلغاء القديم بالكلية) فإن الأصل في حقها إقامة المسارات المعدلة وفقا للقواعد المرورية والاحتياطات الفنية التي تسهل على كل سالك للطريق المرور من خلاله دون خطر أو ضرر». وقالت المحكمة الإدارية في الحكم: «ويتأكد هذا في كل مسار معدل سيصبح بعد الانتهاء منه طريقا دائما متى كان ذلك فإنه من حق سالكي الطريق أن يعولوا على ما أخذت وزارة النقل نفسها به وأن يعتبروا المسارات المعدلة سليمة الإنشاء واضحة المعالم لا يشوبها أي قصور فإذا قصرت وزارة النقل في القيام بهذا الالتزام الذي تفرضه الحيطة الواجبة في عدم الإضرار بالغير كان ذلك منها خطأ يستوجب مسؤوليتها عن الضرر الناتج عنه». وبينت المحكمة في نص الحكم ذاته أنه «لا يكتفى في مثل مسارات الطرق المعدلة بمجرد العناية العادية التي توليها الإدارة لسائر الطرق التي تشرف عليها لأنها في أساسها قائمة على أسس فنية دقيقة ومعايير هندسية محددة بخلاف المسارات المعدلة التي تنشأ عادة بحكم الضرورة، تلافيا لمزيد من الأضرار وحفظا للأرواح والممتلكات وفي ذات الوقت العمل على إنهاء ما يلحق بها من إنشاءات جديدة». وورد في منطوق الحكم «كما أن المسؤولية التقصيرية لا تترتب إلا على خطأ يجر إلى ضرر وقد استقر القضاء الإداري على أن الحكومة في هذا كبقية الأفراد، تساءل عن الضرر الذي يحدث نتيجة ما يقع منها من أخطاء وأن وزارة النقل لم يحصل منها أي رد أمام ما ورد إليها من مكاتبات الجهة المختصة بالسلامة المرورية وإذ الواجب عليها في أقل الأحوال الانتقال إلى موقع المسار المعدل واتخاذ أي إجراء وقائي تمليه عليها واجباتها النظامية وقبلها الأمانة التي حملها إياها ولي الأمر، فمن المقرر فقها أن من ترك واجبا في الصون ضمن». وأضاف الحكم: «الثابت أن وزارة النقل الأولى تركت واجبا من واجباتها، كما أن من المتقرر أيضا أن (ما لا يمكن الاحتراز عنه لا ضمان فيه)، والثابت أن خطأها في تصميم الطريق المعدل، ما يمكن لها الاحتراز منه، لما في يديها من إمكانات، وما بسط لها من صلاحيات، إلا أنها فرطت وتساهلت في ذلك الشأن، ما يعني لزوم الضمان في جانبها». واختتمت المحكمة الإدارية حكمها بالقول: «وبناء على المادة 10 من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27/8/1412ه فقد نصت على أن تحرص الدولة على: (...رعاية جميع أفرادها،..)، كما نصت المادة 36 منه على أن: (توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها، والمقيمين على إقليمها..) أجابت الدائرة المدعين إلى طلبهم، وألزمت الوزارة بالدية الشرعية».