استخدم المخرج عمر أميرلاي فنه من أجل الارتقاء بثقافة المجتمع وصقلها، واتجه للسينما لإيمانه بأنها قد تترك الأثر الأكثر إيجابية على المجتمع من بعض الفنون الأخرى. هو شخص ثوري بطبعه فضلا عن كونه مناضلا ملتصقا بحقوق الإنسان وبالحرية. إصرار الفنان بالرغم من منع عرض جميع أفلامه الوثائقية في بلده سوريا إلا أن هذا لم يجعله يغير من مبدأه أو اتجاهه ليجرب طعم النجاح الجماهيري فلم يكن هذا في أجندة حساباته، وظل يقدم قضاياه الإنسانية التي على إثرها وصف النقاد أفلامه (بزيت وقود للمنادين بالحريات العامة)، فهو ببساطة قضى حياته كلها دون أن يساوم، يرسل رسائل ويفتح أعينا ويناقش قضايا وتأثيرات قرارات سياسية على المجتمع في جو فني، وقدم سلسلة من الأفلام الوثائقية التي تقوم على التوثيق والتسجيل تميزت بدقة الملاحظة، بالإضافة إلى أفلامه عن شخصيات تحمل مواقف سياسية واضحة كرئيسة الوزراء الباكستانية بناظير بوتو، وفيلم (كعب من ذهب) عن رفيق الحريري. الرؤية وعند سؤاله عن رابط الموت الذي يلاحق شخصياته أجاب:(إن الحياة فيها مجموعة مصادفات ومن باب المصادفة أن يلاحق الموت بعض الشخصيات التي أنجزت عنها أفلامي، فأنا أعتبر نفسي مريضاً بملاحقة تفاصيل الناس سواء كانوا مشهورين أو لا، والملاحظات الدقيقة في حياة الناس البسيطة التي يدفعني الفضول إليها هي التي تخلق لدي هذا الجو الفني الإنساني الحقيقي، والوسواس الذي تلبسني منذ طفولتي التي أمضيتها خلف نوافذ بيتنا العربي بحي الشعلان والمتمثل في ملاحقة تفاصيل الناس ورسمها بمخيلتي هو ذاته الذي يدفعني يوماً بعد آخر لإنجاز أفلامي). وبالرغم من السوداوية التي تظهر في معظم أفلامه إلا أنه كان يستخدم السخرية شديدة اللهجة أيضا النابعة من رغبة حقيقية في التغيير للأفضل. بداية تحقيق الحلم ونهاية أميرلاي وعندما بدأ حلم أميرلاي بالتحقق من خلال ثورة تونس التي تبعتها ثورة الشعب في مصر وبدا فخورا بإنجازات الشباب الذين بعثوا الأمل في حياته من جديد وجعلت قلبه مليئا بالحيوية، كانت هذه آخر مرحلة في حياته، حيث تعرض بعدها لجلطة دماغية أودت بحياته ظهر السبت قبل الماضي.