يا سلام على الحب بتوليفة حجازية. لزمن طويل بقي العتاب وصفة يتداولها العاشقون بتصريف الأغنية التي لا تزال موجودة إلى اليوم. إنه حب يختلف ليس باختلاف الناس وإنما باختلاف التقاليد العريقة. البارحة كنت سهران لوحدي ومنحت أذني لتداعيات الكلمة المسافرة في الرمل مستمعا إلى أغنية «بعد أيه ترسل كتاب»، فما نابني منها غير الحنين إلى عطش قديم. قلت لنفسي هو ذا زمن لم يبق منه العتاب شيئا من مودة ولا بقايا من وصل قديم. استمعت إلى أغنية «بعد أيه ترسل كتاب»، وكان الكتاب يومها هو الرسالة وكان العشاق يكتبون رسائلهم ويدسونها في أكمام الصبية والشغالين على أمل وصولها إلى يد البنات. كانت كلمة بنت غالية وكان انتظارها كيما تطل من فوق الشرفات القديمة حلما وقصة ورواية، وكان الخطاب المكتوب مسألة مصير. لا يوجد حب لذيذ مشع من غير أسرار، وتلك الأسرار كانت هي الأسمنت الذي يربط بين قلبين يقتسمان الحلوة والمرة ويغرقان في العلاقة المستدامة لا عذول فيها ولا هم يحزنون. كانت أسماء البنات أسرار، وكانت الحياة حلوة جدا بقدر كثافة التابوه .. وكان الناس يحبون فعلا وقليلا يكرهون وكانت الكلمة عهدا غير قابل للنقض أو المماطلة والتزوير. لدقائق قليلة توقفت عن السماع وعادت بقايا طلال تغني بعد أيه ترسل كتاب .. بعد أيه أسمع عتاب.. بعد ما ذقت العذاب وانكوى قلبي وتاب .. جاي ترسل لي كتاب .. كان بلاشي يا حبيبي. قلت لنفسي هو ذا العتاب المر من خلال الكلمة التي تفيض عذابات من اللذة المتدفقة في نفوس العاشقين .. كان الحبر وقتئذ في الأيام الخوالي يختلط بمدامع رطبة تقترب ملوحة من مذاقات البحر، وكان لقلوب الشباب المهذبين أيضا أنين من الداخل ولكن الذي يحزنني أن آخر بقايا العتاب اختفت، وما بقي منها غير قليل من ظلال كلمات تتوارى خلف البيان العاطفي الذي يتلوه من وراء أوتار العود فنان. يا لحسرة هذا الجيل ممن لا يعرفون المكاتيب ويا لحسرة الحب أيضا إذا انسلخ منه الوفاء، وفعلا كان بلاشي يا حبيبي .. وويل لهذا الجيل المسافر بقليل من زاد العاطفة إلى دوائر لا وفاء فيها ولا ندم ولا إحساس. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة