استحضر الفنان التشكيلي السعودي علي الضامري الآثار العالقة في أذهان أطفال جدة جراء الكوارث التي مرت على عروس البحر الأحمر في لوحة تشكيلية أطلق عليها اسم «المطرالأسود»، مبينا انفعالية الحركة المفترضة للتكوين العنصري والدلالة الرمزية للتكوينات الجزئية المترابطة، وذلك بممارسته للإسقاط الفلسفي المكون لمساحات التواصل المتواسعة طرديا إلى ما بعد اللوحة. الدلالة الرمزية لحركة الطفل دلالة انسيابية مقصودة وميله الجانبي باتجاه فراغ المحيط هي تعتبر للأثر النفسي الذي أصاب أطفال جدة من جراء الكوارث التي مرت العروس خلال العام الماضي، وهذا العام في رسالة قوية من الطفل إلى الجميع بلا استثناء وبعلامات استفاهم كبيرة، ما هو الذنب الذي اقترفناه لنموت غرقا، إنه الأثر النفسي على المدى القريب والبعيد على حد سواء، نظرة الطفل إلى خياله الأسود وقطرات المطر التي تحولت من نقاء أبيض إلى بقع سوداء تدلل على الحزن والكآبة وتدلل على الخوف. يؤكد الفنان بفراغ اللوحة الخسائر النفسية الذي ستظل عالقة في الأذهان لسنوات طويلة، مدللا باللون الأحمر على دم الأبرياء الذين راحوا ضحية لفساد أو إهمال في الزمان والمكان. وأكد الفنان في لوحته أن الحزن ردة فعل طبيعية وشعور طبيعي نتيجة فقدان عزيز. وتظهر أعراض الحزن الطبيعي في تأملات الطفل وفي الفراغ المحيط به وفي تحول قطرات المطر من لونها الأبيض إلى اللون الأسود بسبب ممارسات إنسانية خاطئة، وكأنه يقول إن المطر دوما خير .. إلا في جدة نتيجة لتلاعبات وممارسات غير مسؤولة. الفنان قدم في عمله وبألوانه المائية نموذجا لمحاكاة الفن للقضايا الاجتماعية المحيطة بتشكيل حضاري معاصر، وأكد الضامري بدلالته الرمزية ذي اللون الأحمر بحركة مفترضة في اتجاه تكوين العنصر، ومحيطا بفراغ معاكس بحركة افتراضية مرموزة بالسحاب كأنه يسير في هذا الفراغ الأبدي وحيدا حائرا يبحث عن أشياء يعلمها ولا يعرفها، هذه الحركة المؤكدة أمام خلفية انتشرت خلالها عناصر رموز متحركة مفعلة لتكوين حركة المطر المفترضة والمتفاعلة مع فراغه المحيط، كما ترصد لنا تلك القطرات الساقطة من السماء المتوجه بأسى مشوب بالألم في اتجاه مجال الرؤية من اللوحة، أحاسيس عاطفية أصيلة في تكوين العنصر، وهنا يبدو الإسقاط الثاني واضحا لحالة احتباس «الفعل الحضاري» لهوية الفنان الحضارية. النص التشكيلي في اللوحة، كون حركة افتراضية أخرى مقصودة ضمن إطار النص التشكيلي، وكأن الفنان يرصد حالة من الاستيعاب لهذا الطرح الفلسفي من خلال هذا البناء في سردية متتابعة المرور من خلال ظل الطفل المرموز باللون الأسود في أرضية اللوحة المشبعة بالأحاسيس. لوحة الضامري تعبير خيالي لواقع إنساني ونستطيع إدراك التعبير الحسي عند الضامري بإيحاءاته اللونية وباستخدامه لفرشاته وألوانه المائية الأقرب إلى الشفافية ليعكس مدى ترابط ذاك الحس باللون وصولا إلى إقناع المتلقي بمأساة مرت على جدة.