للصناعة في جازان أهميتها خصوصا، في ظل الموقع الجغرافي لجازان في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة وارتباط المنطقة بمنافذ حدودية مع اليمن، إضافة إلى وجود ميناء جازان الذي يعد ثالث أكبر موانئ المملكة، والقرب من دول القرن الأفريقي. هذا الموقع أضاف للمنطقة بعدا اقتصاديا مهما أكسبها أهمية سياحية واقتصادية واستراتيجية، كما تعد جزر فرسان من المواقع الأثرية والسياحية المهمة في المنطقة. كما تكتسب المنطقة الأهمية المكانية لوقوعها على محور الملاحة الدولي للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي ودول القرن الأفريقي. كما أن وقوعها على الحدود اليمنية، أضاف أهمية نسبية لتطوير التجارة الحدودية. كما أن وجود ميناء جازان الذي يعد ثالث أكبر موانئ المملكة يسهل من قيام صناعات متقدمة في المنطقة إلا أن واقع الحال لا يتفق مع هذه المزايا. وتتميز المنطقة بوجود كثافة سكانية عالية ما يضمن وفرة الأيدي العاملة وسوق يستهلك المنتجات التي يتم إنتاجها في المصانع. ومما لا شك فيه أن عدد السكان العنصر الأساسي وهو الركيزة الأولية عند وضع أية خطة تنموية لأية منطقة، حيث يبلغ عدد سكان منطقة جازان حوالى 1.18 نسمة للنتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن عام 1425ه وهو يمثل حوالى 5.23 في من إجمالي تعداد سكان المملكة، لتأتي منطقة جازان في المرتبة السادسة بين المناطق من حيث عدد السكان، وهو الأمر الذي كان يتطلب وجود طفرة صناعية بكل المقاييس، خصوصا أن معظم العاملين في مصانع المدن الرئيسة هم من أبناء منطقة جازان، إلا أن واقع الحال يخالف تماما المأمول، فالمدينة الصناعية التي كانت يفترض أن تكون في منطقة جازان منذ عقود طويلة لم يتم إنشاؤها إلا عام 1430 «2009 م» على مساحة مليون م2 كمرحلة أولى لتلبية احتياجات الصناعيين في المنطقة. ويعتبر الاستثمار في المدينة الصناعية واعدا بفضل وجود المقومات الصناعية كقرب المدينة الصناعية من ميناء جازان 60 كم وعن الحدود السعودية اليمنية 30 كم. انطلقنا نبحث عن المدينة الصناعية الواقعة على طريق أبو عريش جازان في بحرة فلس وحرة الجهو، بحثنا عنها وكلما سألنا لا نجد إجابات دقيقة توصلنا بسرعة إلى هدفنا إلى أن وجدنا لوحة تدل على أن المدينة تبعد 10 كم وكانت المفاجأة أنه لا يوجد طريق ممهد وأن كل ما هنالك طريق ترابي عليه معدات تجهزه للرصف، سألنا العاملين هناك عن الطريق إلى المدينة فدلونا وسألونا ماذا تريدون منها إنها تحت الإنشاء. لا مصانع ذات قيمة العاملون في الطريق حذرونا من أن الطريق ترابي غير نافذ ويمر بالكثير من الأودية واحتمال غوص السيارة في الرمال، في النهاية وبعد معاناة وصلنا لكننا لم نر مصانع في تلك المناطق، وكل ما هنالك كابينة معدة للعاملين في المشروع لم نعرهم بالا وقلنا بعد أن قطعنا كل هذه المسافة لابد أن نصل إلى الموقع والوقوف على المشروع.. سلكنا الطريق الذي وصفوه لنا بعد أن تبرع أحدهم بالركوب معنا لإيصالنا للمهندس المشرف على المشروع، وفي الطريق أخبرنا أنهم يعملون في مشروع لربط المنطقة بالطرق السريعة إذ الموقع يبعد عن الطريق حوالى 10 كم. ساعة ونصف في الطريق كان الطريق سيئا بكل المقاييس، قطعنا مسافة ال10 كيلو في ساعة ونصف لكن ما لفت انتباهنا أن البنية التحتية التي يتم تشييدها في المنطقة، فهناك الكثير من عبارات السيول، ما يعني أن المنطقة تقع وسط الأودوية، وهذا يعني خطرا كبيرا على المصانع التي سيتم إنشاؤها في المستقبل حتى ولو كانت عبارات السيول كبيرة، إلا أن مسافاتها قصيرة وستصب في المنطقة. المصنع الوحيد مغلق وصلنا إلى المقر المؤقت الذي تقيم فيه العمالة المنفذة لربط المدينة الصناعية بطريق جازان العارضة.. التقينا المهندس محمد النجار الذي قدم لنا شرحا موجزا عن المشروع قائلا: نعمل على تطوير المرحلة الأولى من مشروع المدينة الصناعية في جازان، مبينا أن حجم المرحلة الأولى هو 750 ألف م2 من الحجم الكلي وهو 50 مليون م2، وبعد سؤاله عن المصانع القائمة في المدينة، قال لا يوجد سوى مصنع واحد لتصنيع القوارب الفيبرجلاس، وهو مغلق ولا يوجد فيه أحد. محطة الكهرباء لم تكتمل بعد أن وقفنا على مصنع القوارب بصحبة المهندس محمد النجار وشاهدناه لم يكتمل، سألناه عن محطة الكهرباء التي تغذي المدينة، أشار بيده إليها قائلا تلك هي المحطة. تركنا المهندس محمد وذهبنا باتجاهها لعلنا نجد فيها أحد الموظفين يخبرنا عن وضع المحطة، لكن المفاجأة كانت أن المحطة في مراحلها النهائية لا نعلم هل تم تشغيلها أم ما زال يجري استكمالها.. سألنا بعض العمالة عن المحطة لكنهم رفضوا التحدث معنا. بعد أن أنهينا جولتنا في المدينة قررنا استطلاع رأي الخبراء حول الصناعة في منطقة جازان. غياب عوامل الجذب كان لقاؤنا مع الخبير الاقتصادي في الغرفة التجارية الدكتور محمد بسيوني الذي قال إن غياب عوامل جذب المستثمرين إلى المنطقة ساهم كثيرا في عدم وجود صناعة متقدمة، مشيرا إلى أن معظم الصناعات القائمة لا ترقى إلى أن تكون صناعة تخدم المنطقة. وأضاف بسيوني يجب أن نسأل في البداية هل توجد هناك صناعة في منطقة جازان؟ الإجابة بالطبع لا هكذا قال. ولفت بسيوني إلى أنه إذا ما تمت مقارنة جازان بالمناطق الأخرى فمن الطبيعي أن يفضل المستثمر الصناعي أن يستثمر في جدة أو الدمام لتوفر الخدمات والاهتمام بالصناعة ووجود الثقافة والوعي لدى المستهلك الذي يختار الجودة، وإن كانت بسعر مرتفع. لا يوجد فكر صناعي وأشار بسيوني إلى غياب الفكر الصناعي في المنطقة، الذي لعب أيضا دورا كبيرا في عدم توجه أصحاب رؤوس الأموال من أبناء المنطقة إلى الاستثمار في الصناعة، وكان يفترض بهم أن يكونوا هم من يقيمون المشاريع الصناعية التي تجذب المستثمرين من خارج منطقة جازان من بقية مناطق المملكة الأخرى وتحد من تخوفاتهم في دخول منطقة مجهولة لأن من يرغب الاستثمار في الصناعة لا يرغب أن يكون هو أول من يبدأ المشروع وإنما يريد أن يكون هناك من سبقه، واستكشف المنطقة فإما أن يشجعه على الدخول أو ينبهه للإحجام وهناك تلعب الصناديق الحكومية دورا كبيرا في عملية التشجيع. التوصيات • تحفيز المستثمرين الصناعيين من خلال تسهيل الإجراءات للحصول على التراخيص اللازمة. • رفع دعم الصناديق الحكومية ليصل إلى 75 في المائة، للمشاريع المقامة في المنطقة والتخفيف من الإجراءات والضمانات المطلوبة. • تسويق المنطقة لجذب مستثمرين من الخارج بالتعاون مع الغرف التجارية الأخرى في المملكة. • التنسيق مع المدينة الاقتصادية في جازان لخلق صناعات صغيرة تقدم الدعم اللوجستي للمدينة الاقتصادية. المزايا النسبية لمنطقة جازان • الكثافة السكانية العالية، ما يوفر قوة شرائية للمنتجات المصنعة في المنطقة. • وجود ميناء جازان الذي يعد ثالث أكبر موانئ المملكة ما يعني تسهيل الاستيراد والتصدير. • وقوع المنطقة على الحدود مع الجمهورية اليمنية ودول القرن الأفريقي ما يسهل عملية التصدير لهذه المناطق. • وجود أرخبيل جزر فرسان أكسب المنطقة بعدا اقتصاديا مهما خاصة الهدايا والتذكارات، ما يجعلها منتجة للحرف اليدوية والتذكارات. • وقوع المنطقة على محور الملاحة الدولي للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي ودول القرن الأفريقي. • وجود الكثير من الخامات الأولية والمعادن يسهل قيام صناعة متقدمة. غداً.. صناعيو جازان بين الواقع والمأمول