للعام الثاني عاشت جدة كارثة سيول جعلت قطاع رجال الأعمال في امتحان صعب لاجتيازه من خلال نجاح شركاته في أداء المسؤولية الاجتماعية، بتقديم الدعم والمساعدة والمساندة للمتضررين من السيول في المحافظة. هل ما زالت المسؤولية الاجتماعية في الشركات حبرا على الورق، أم أنها أصبحت واقعا ملموسا، ما أهم المعوقات التي تقف في طريق أدائها بالشكل الصحيح، وهل ما زالت الشركات السعودية متجاهلة دورها ومسؤوليتها الاجتماعية؟ هذه المحاور طرحناها على عدد من المختصين .. فكانت هذه الحصيلة: مفهوم متغير ومتطور يؤكد رجل الأعمال صالح بن علي التركي «أن المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات مفهوم متغير ومتطور، يرتبط بشكل عضوي بالتنمية المستدامة، يوجب على الشركات بجانب البحث عن الربح، الاهتمام بالبيئة، والمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، مضيفا «لم يعد تقييم شركات القطاع الخاص يعتمد على ربحيتها فحسب، ولم تعد تلك الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على إيجاد بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والإدارية عبر أنحاء العالم، وكان من أبرز هذه المفاهيم مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات». وأكد أن كارثة سيول جدة شكلت امتحانا للمرة الثانية لتلك الشركات، فرأينا حملات عديدة من قبل الشركات الوطنية، فيما سجلت بعض الكيانات الاقتصادية الأخرى غيابا كاملا. تحفيز القطاع الخاص من جهته، اعتبر نائب رئيس مجلس إدارة غرفة جدة، رئيس لجنة تنسيق العمل الاجتماعي والخيري في جدة مازن بن محمد بترجي، المسؤولية الاجتماعية للشركات ثقافة جديدة على المجتمع، مطالبا بتطوير السياسات والاستراتيجيات المرتبطة بها، وفقا للنماذج العالمية وظروف مجتمعاتنا العربية والإسلامية. وأضاف أنه لا بد من تحفيز القطاع الخاص بتعزيز دوره في مجال المسؤولية الاجتماعية؛ لأنه ما زال دون مستوى الطموحات رغم إمكانياته الكبيرة. وقال «جهزت اللجنة أكثر من 1500 سلة غذائية استعدادا لتوزيعها وفق برنامج زمني على سكان الأحياء المتضررة من الأمطار الغزيرة التي داهمت المحافظة صباح الأربعاء الماضي، من خلال أكثر من 1000 متطوع من الشباب والشابات». وأوضح أن اللجنة تهدف إلى دعم العمل التطوعي الخيري، والمساهمة في نشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمع، وحث الناس على الإسهام في الأعمال الخيرية بطريقة منظمة، إضافة إلى مساندة الحكومة والمؤسسات الاجتماعية في سد فجوة الخدمات المقدمة للمجتمع، وفتح آفاق جديدة في مجال العمل التطوعي ومفاهيم العمل التطوعي، علاوة على تقديم آليات احترافية لإدارة العمل التطوعي من تخطيط وإدارة وتدريب. وبين أن اللجنة اكتسبت تجربة ثرية من خلال ما قدمته في كارثة سيول جدة الأولى، ومساهمتها بشكل كبير من خلال كوادرها المؤهلة في التعامل مع مثل هذه الحالات، إلى جانب الإسهامات الكبيرة من الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن اللجنة تعمل على زرع الطمأنينة وإعادة الحياة لسكان هذه الأحياء المنكوبة. وكشف بترجي أن اللجنة وسعت جهودها لتشمل 1500 أسرة متضررة من الأمطار مقيمة في الشقق المفروشة بالتنسيق مع الدفاع المدني، لافتا إلى أن فريق تأهيل المنازل في اللجنة يواصل أعماله من خلال حملة بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لصيانة البيوت المتضررة من السيول، مشيدا بجهود صاحبات وأصحاب الأعمال، وتبرعهم بالمفروشات ومواد البناء والمواد الغذائية للمتضررين. وأضاف أن الأرقام الأولية تشير إلى مشاركة أكثر من 5000 متطوع من الجنسين تتراوح أعمارهم بين 8 70 عاما، مؤكدا الحاجة إلى المزيد من المتطوعين في الأعمال الميدانية، وقال «يعمل الشباب ميدانيا في تحميل وإفراغ الشاحنات، بينما حصر عمل الشابات في تصنيف وتعبئة السلال الغذائية والتموينية والشؤون الإدارية». وزاد: هناك أكثر من 30 فرقة ميدانية، يعمل في كل واحدة ما يتراوح بين 15 و30 متطوعا في جدة، يعملون على 40 شاحنة متوسطة، بجانب مساندة عدد من المتطوعين من جامعة الملك سعود في الرياض يعملون على إزالة آثار السيول. ضرورة تفاعل الشركات من جانبه، قال رجل الأعمال خالد بن عبد العزيز الغامدي «من أبرز الصعوبات والتحديات التي نواجهها، هو تطور ونمو عمل المسؤولية الاجتماعية، عدم وجود تعريف أو مفهوم موحد للمسؤولية الاجتماعية، مما تسبب في خلط الأوراق والمفاهيم والاتجاهات المرتبطة بمجالات عمل المسؤولية الاجتماعية، وما يؤكد ذلك أنه لا يزال بعض أفراد المجتمع السعودي يتعاملون مع المسؤولية الاجتماعية على أساس أنها نوع من أنواع العمل التطوعي، بينما يراها البعض الآخر على أساس أنها نوع من أنواع العمل الخيري والصدقة الجارية، هذا الخلط بين الأوراق، تسبب في عدم ديمومة العمل في مجالات المسؤولية الاجتماعية المختلفة». وأكد أن كارثة سيول جدة عملت للمرة الثانية، على ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى القطاع الخاص والمجتمع، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة تفاعل الشركات بشكل عام، لتأمين كافة احتياجات المتضررين من السيول التى اجتاحت منازلهم وعطلت سياراتهم. سد احتياجات المجتمع وقال الرئيس التنفيذي لشركة العزيزية بنده المتحدة موفق منصور جمال «إن العزيزية بنده خصصت فرقا من المسؤولين والموظفين التابعين لها للتطوع ومساعدة أهالي ومتضرري أمطار وسيول جدة من خلال مشاركتها في لجنة الإغاثة التطوعية التي تبنتها محافظة جدة والغرفة التجارية الصناعية وجمعية البر». وكشف عن تبرع الشركة بما يعادل مليون ريال بشكل عاجل للمتضررين والنازحين عن منازلهم، وهي عبارة عن مشتريات وأغذية ومستلزمات إغاثية عاجلة ستوزع عبر اللجنة التي تتخذ من مركز جدة للمعارض مقرا لها. وأضاف: هذه البادرة تأتي ضمن اهتمام الشركة بالمسؤولية الاجتماعية، للوقوف مع سكان جدة المتضررين من السيول والأمطار، ومن الطبيعي أن نكون أولى الشركات المتجاوبة مع نداء الوطن والمواطنين في الوقوف معهم في هذه الكارثة، فهم إخواننا وأخواتنا، لافتا إلى أن كثيرا من موظفي الشركة أبدوا استعدادهم ورغبتهم في الانضمام إلى جموع المتطوعين لمساعدة أهالي جدة.