لكلمة المطر وقع عذب أزلي بعمر البشرية، السحب ترمز للحياة والخير؛ إنها تحمل البقاء والنماء لقاطني الأرض، ويلتهب الشوق ظمأ للمطر كلما قل وندر؛ فتشتاق له الأرض الجدباء المتشققة عطشا، ويرقب أهلها زيارة الغائب الغالي بكل لهفة. مع قطرات الماء يتساقط الخير فيحيي الأرض بعد موتها ويحيلها إلى جنة خضراء يانعة وارفة الظلال نابضة بشتى صور الحياة، إنها الحياة لها ولأهلها «والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لأية لقوم يسمعون» إنه الغيث، الرحمة، البركة، فلماذا تبدلت مشاعرنا تجاهه؟ فما عاد تجمع الغيوم يطربنا ويجدد لنا الأمل بقرب رؤية الغيث العزيز الزيارة؛ فأضحى تشكلها هاجسا يقلقنا وهطول الأمطار رعبا يفسد كل فرحة، فاستبدلنا (اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا) ب (اللهم حوالينا ولا علينا)، لأننا نسكن جدة؛وجدة غير؟ جدة بوابة الحرمين وأكبر الموانئ البحرية تغرق مع أول قطرات الماء في مشاكل قديمة لم تر الحلول العملية الجذرية لها النور بعد. فمتى نغني كباقي البشر للمطر ونحتفي بمقدمه؟ متى تتحقق الوعود الحالمة؟ وتستثمر الموارد سواء الإيرادات أو بنود الميزانية العامة في تفعيل الحلول إلى واقع ملموس؛ فتنتهي مشاريع البنية التحتية كالصرف الصحي، الكهرباء ومشاريع خفض منسوب المياه السطحية الجوفية ومياه الأمطار ، ولانشاهد غرق الأنفاق الحديثة أسوة بالشوارع وشل الحركة المرورية؛ لعدم مراعاة المنفذين لزيادة الطاقة التشغيلية رغم اعتماد ميزانية شراء المزيد من المضخات وعدم صيانة المضخات وتعطلها. ويختفي الطابور العسكري لصهاريج سحب المياه فلا يتمكن المواطن من إيجاد ما ينقذه من طفح المجاري لديه لأن البلدية جندت الجميع لشفط المياه من الشوارع الغرقى من حبات المطر فتحولت إلى مستنقعات وتجمعات مائية كبيئة مثلى لشتى الأوبئة، ومتى تستكمل مشاريع الجسور والشوارع ذات الإيقاع التنفيذي البطيء جدا وتختفي الحفر والانكسارات من الطرق ويعالج التلوث البحري والبري وبحيرة الصرف وتغادرنا أمراضنا الخاصة كحمى الضنك فلا تشاطرنا السكن فيها بعوضتها المتميزة الألوان فهي أيضا غير أليست تستوطن جدة؟وجدة دوما غير. لطيفة إبراهيم الأحمدي جدة