يركز المفهوم العالمي لممارسة الرياضة البدنية على ممارستها في سن مبكرة ويتجاهلها عندما نتقدم في السن، على الرغم من أن الاحتياجات الفسيولوجية الجسدية لممارسة الرياضة تزداد مع تقدمنا في السن، ويلاحظ أنه في جميع الثقافات التي تتبنى ممارسة الرياضة ترتبط ممارسة النشاط البدني بين الأعمار من عمر السنوات الثماني حتى أوائل العشرينات، ثم ينخفض مستوى النشاط الحركي لأسباب عدة؛ منها المسؤوليات الاجتماعية والعملية، الأمر الذي يحد من العودة للممارسة الرياضة بشدة وانتظام كما هو الحال في عصر الشباب. وكشفت معلومات طبية أن مستوى النشاط الحركي ينخفض بشكل هائل بعد سن الثلاثين، عندما نصبح في أشد الحاجة إليها، وإجمالا يصبح الوضع أسوأ بتجاهل أهمية الرياضة للبالغين، علما أن الجسم البشري يبدأ بفقدان الكتلة العضلية بعد سن ال30 بمعدل 1 في المائة سنويا، كما تقل قوة العضلات أيضا بشكل متواز مع انخفاض الكتلة العضلية، إضافة إلى أن طاقة الحرق تتباطأ بعدما كانت في ذروتها في سن 24 – 25، وهذا يعني أننا لا نستطيع استهلاك الكمية نفسها من الطعام والحفاظ على أوزاننا منخفضة، هذا هو السبب الرئيس لتراكم أوزاننا (كتلة الدهون) خلال تقدمنا في العمر، كذلك كتلة العظام فهي تقل بعد سن الثلاثين ويظهر هذا بشكل أوضح لدى النساء بعد انقطاع الطمث، ومع التقدم في السن تقل المرونة ويبرز خطر التهاب المفاصل بعد سن الخمسين، كما تتباطأ الوظائف الهرمونية ووظائف التمثيل الغذائي أيضا، وتفقد الشرايين مرونتها مع تقدم العمر فيجعلها ذلك أكثر عرضة للخطر ويزيد من فرص الإصابة بانسداد الشرايين الذي يقود إلى النوبات القلبية والجلطات لا سمح الله، القلب نفسه عضلة تضعف مع التقدم في العمر، وبمرور الوقت يفقد قدرته على ضخ الدم إلى أجزاء الجسم وتقل فعاليته في أداء وظيفته، وتقل قدرته على حمل الأكسجين اللازم لجميع أنسجة الجسم، مما يؤدي إلى النسيان وظهور وتطور الأمراض النفسية المصاحبة لسن الشيخوخة. * ماذا لو عكسنا كل ذلك باتباع أسلوب حياة جديد ومبسط وطويل المدى؟ الرياضة واتباع حميات غذائية متوازنة سوف يؤخر المشاكل المصاحبة لتقدم العمر، ويصنع لنا أسلوب حياة أفضل، الكتلة العضلية سوف تزيد وبالتالي ستسرع من عمل طاقة الحرق، إلى جانب أن كتلة الدهون سوف تتضاءل وسيحافظ الجسم على مرونته، وسيودع المزيد من الكالسيوم وفيتامين (د) في العظام، فيصبح أقوى ويقاوم الهشاشة والكسور التي قد تحدث مع تقدم العمر، كما أن القلب سيستعيد صحته ويؤدي وظيفته بالشكل الأمثل، وسيمد الخلايا بالدم والأكسجين اللازمين، والدماغ بالأكسجين اللازم، وذلك سيقلل من خطر مهاجمة الأمراض النفسية والشيخوخة والنسيان المصاحبة لتقدم العمر، وقد يؤثر ذلك إيجابا على نوعية النوم فيخلص المتقدمين في العمر من الاكتئاب ويمنحهم نوما هادئا.