عقلة السناني طفل في الحادية عشرة من عمره يتلقي منذ ستة أعوام خدمات تأهيلية وتعليمية في جمعية الأطفال المعوقين في المدينةالمنورة، لمعاناته من شلل دماغي منذ الولادة مصحوبا باستسقاء في الرأس، وقد حضر إلى المركز وعمره خمس سنوات وهو لايستطيع الجلوس أو الوقوف أو المشي بمفرده، فظل يستخدم كرسيا متحركا، وبعد تأهيله وتدريبه بمساعدة الفريق الطبي في المركز، استطاع الجلوس والوقوف، باستخدام «مشاية» معتمدا على نفسه، كما تعلم كيفية الصعود والنزول من الدرج وركوب الدراجة وقيادتها بمفرده. يرسم بدون أطراف أما الطفل عبد الله السمكري، رغم إعاقته الظاهرة في قصر أطرافه الأربعة، وميله للانطواء عند دخوله الجمعية، واللعب بمفرده، وعدم قدرته على مواجهة الآخرين، أصبح بعد تلقيه خدمات تأهيلية وتعليمية في الجمعية، طفلا اجتماعيا يتفاخر بقدراته، وواحدا من الأطفال الموهوبين والمبدعين في الرسم، حيث تصفه معلمته عزة الرويثي أنه يمتلك موهبة الرسم بالفرشاة وقلم الرصاص، وقد شارك في العديد من اللوحات الفنية ويعتمد علي نفسه في أموره الشخصية، فيما يجري حاليا تأهيله للإندماج مع زملائه الأسوياء في المدرسة العام المقبل. من العناد إلى التأهيل وكانت الطفلة ريناد بخاري طفلة عنيدة لا تقبل التوجيهات لدى استقبالها في سكن الجمعية أول مرة، وهي تنتقل من مكان لآخر بكرسي متحرك، ولكن بعد أن تلقت علاجا تأهيليا مكثفا، انتقلت للإلتحاق بالصفوف الأولية، وأثناء تواجدها في المدرسة تمكنت من ترك الكرسي المتحرك واستخدام مشاية خاصة مع الجباير، كما استطاعت خلال ثلاثة أعوام قضتها في الجمعية تطوير قدراتها وترك الجباير والمشدات أثناء المشي، ويتوقع خلال عام أن تترك المشاية والسير بمفردها. شلل مزدوج في حين كان الطفل أحمد عبد الكريم العنزي المعوق بشلل طولي مزدوج، قبل التحاقه بالجمعية كثير البكاء، ويعتمد على الأشخاص المحيطين به، فأصبح يعتمد على نفسه، وتحسن مستواه التعليمي بشكل ملحوظ. شلل دماغي وفراس حمزة زغلول الذي دخل الجمعية وهو يعاني من شلل دماغي ثلاثي، تمكن بعد تلقيه علاجا مكثفا في القسم الطبي في الجمعية، وتدريبه على استخدام المشاية، تمكن من الاستغناء عن الكرسي المتحرك، بعد أن خضع لعملية جراحية في أطرافه السفلية، فيما كان علي حسين الشريف المعوق بشلل دماغي تشنجي سفلي، طفلا عدوانيا وانطوائيا في بداية دخوله الجمعية، وبعد خضوعه لعدد من الجلسات النفسية العلاجية المكثفة، تخلص من هذه المشكلات وأصبح اجتماعيا يشارك زملاءه في الأنشطة واللعب، وهو يدرس الآن منهجا ابتدائيا عاما الصف الأول الابتدائي، وقد حقق أهداف المنهج بشكل ممتاز. تمثل الحالات السابقة علامات بارزة في تجاوبها العلاجي مع برامج جمعية الأطفال المعوقين في المدينةالمنورة «مركز الأمير سلطان بن سلمان» والتابعة لجمعية «إنسان» في تهيئة المعوق ومساعدته على تجاوز إعاقته الجسدية والحركية واللفظية والنفسية، حيث تستقبل الجمعية الأطفال في العيادة الطبية التي تعد المدخل الرئيس لقبول المعوقين للكشف عليهم ومعرفة مدى مقدرتهم على التكيف مع أنشطة ومتطلبات الجمعية وعقب اجتيازهم العيادة، ينخرطون في مسارين: تعليمي لتعويد الطفل المعوق على التغلب على إعاقته عبر دروس متخصصة ومكثفة، ويرأس الفريق النسائي مديرة القسم نوف المحيميد التي تدير العمل داخل القسم التعليمي، فيما تطبق المعلمات المتخصصات في التربية الخاصة ورياض الأطفال تعلمنه على أرض الواقع في مساعدة الطفل على التغلب على إعاقته، ومسار طبي يعمل عل تأهيل الأطفال المعوقين وإكسابهم بعض المهارات الضرورية. طيبة في عيون فنان وأدخلت الجمعية مسارا ثالثا إلى جانب المسارين التعليمي والطبي، بإدخال الفن التشكيلي ضمن أهدافها لتنويع أنشطتها المقدمة للمعوقين، حيث تؤمن الجمعية بأن لدى الأطفال طاقات كامنة من الموهبة والإبداع، فأطلقت فصلا للفن التشكيلي للمعوقين الذين تعلموا مهارة استخدام الفرشاة ودمج الألوان والطباعة وتقنيات بسيطة تناسب إعاقتهم الشديدة، للتعبير عن إحساس الفن لديهم في لوحات معبرة، كما استخدموا عجائن السيراميك في عمل مجسمات ومنحوتات فنية والرسم على الزجاج، والحفر على المعادن، كما برعوا في أعمال يدوية مميزة، مكنتهم من إقامة معرض فني في اليوم العالمي للطفل المعوق على شرف الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، حيث رسم بعض الأطفال أمام سموه في المعرض وقدم طفل هدية من أعماله الفنية تذكارية لأمير المنطقة، كما شاركوا في مسابقة تشكيلية بعنوان(طيبة في عيون فنان) وحصدوا الجوائز الأولى في هذه المسابقة، حيث حصل الطفل عبد الله السحيمي على المركز الأول على مستوى المدارس في المنطقة. المشكلة الكبرى إلى ذلك يوضح طلال كماخي مدير عام الجمعية؛ أن تكلفة الطالب الواحد لمدة عام تبلغ في المتوسط 70 ألف ريال، وأن الجمعية تستقبل الطفل من عمر سنة ونصف وحتى يبلغ الثانية عشرة، ويتم من خلال ذلك تأهيله وتدريبه وتطوير قدراته ومهاراته ومحاولة التغلب على إعاقته وبث الثقة بداخله ليتمكن بدوره من العمل والتعلم ويستخدم يديه ويقضي حاجاته دون الاعتماد على غيره، كما يخضع لتدريبات مستمرة طوال فترة وجوده في الجمعية، فيما وفرت الجمعية إخصائيا للنطق والكلام والحركة وغيرها ليستطيع الطفل التحكم في نفسه، وذهبت الجمعية لأبعد من ذلك من خلال عقد دورات للأمهات ليتعلمن كيفية التعامل مع أطفالهن والتغلب على مختلف الصعوبات، فيما يخدم المعوقين أكثر من 80 موظفا وموظفة. ويضيف كماخي، أهم ما يقلقنا هو انتكاسة المعوق بعد بلوغه سن الثانية عشرة، حيث يتم تخريجه من الجمعية ولا توجد جهة تتبناه، فهناك إعاقات تمنع المعاهد المتخصصة من قبوله، فيعود الطفل إلى بيته ما يسهم في انتكاسته وتضيع الجهود والأموال الطائلة الذي بذلت من أجله. ويشير كماخي إلى أن الجمعية دمجت أكثر من 80 طفلا وطفلة في مدارس التعليم العام، بعد تأهيلهم والتنسيق مع مدارس التعليم العام في هذا المجال، فيما نظمت الجمعية ثلاثة ملتقيات لتوظيف المعوقين بحضور عدد من الشركات وقطاعات الأعمال، وبلغ عدد الذين توظفوا في هذه الملتقيات 67 معوقا من الذين أثبتوا كفاءتهم وقدرتهم على العمل باحتراف.