تستمر المعادن الثمينة وعلى رأسها الذهب في ارتفاع أسعارها، وسط إقبال المتداولين إليها كملاذ آمن واستثمار بديل وأصول لتخفيض المخاطر. كذلك الأمر نرى أن المعادن الثمينة تستقبل طلبا شرائيا من قبل الذين يريدون تخفيض مخاطر تغير أسعار الصرف الذي يحصل بشكل شبه يومي. ووسط التوقعات باستمرار ارتفاع أسعار هذا المعدن الثمين، استطلعت «عكاظ» رأي عضو جمعية الاقتصاد السعودي عصام خليفة، الذي عزا ارتفاع أسعار الذهب إلى عدة أسباب، في مقدمتها: أولا: سعر برميل النفط وسعر الدولار، فكلما ارتفع سعر برميل النفط ارتفعت معه أسعار الذهب، وكلما انخفض سعر الدولار الأمريكي كلما زادت أسعار الذهب. وعلى الجانب الآخر، التغيرات في الحياة السياسية، كالحرب على العراق، ثم حرب لبنان وهو ما أدى إلى انخفاض سعر الدولار، وبدوره يؤدي إلى ارتفاع سعر الذهب. ثانيا: إن الطلب على الذهب زاد منذ أن تدهورت أسعار الدولار. فالمعدن الأصفر كان دائما الملاذ الآمن ومستودع القيمة عندما تشهد العملات الدولية الأكثر انتشارا تراجعا، أو اضطرابا في أسعارها، وهذا يعني أن كثيرا من المدخرين تحولوا من الدولار، بعد تراجع أسعاره إلى الذهب للحفاظ على مدخراتهم واستثماراتهم، وحفز هذا الطلب على المعدن الأصفر. وهنا ينطبق على أسعار الذهب قانون العرض والطلب ذاته الذي يحكم العلاقة بين جميع السلع. ثالثا: للعام الثالث على التوالي، يحقق الاقتصاد العالمي نموا مرتفعا نسبيا، وخصوصا في الدول النامية، فازدهار الاقتصاد يؤدي إلى تقوية الطلب في جميع المجالات وعلى جميع السلع، بما في ذلك الذهب، ذلك أن كثيرا من سكان العالم ينفقون جزءا من دخولهم على الذهب للاستخدامات المعروفة. رابعا: إن البورصات العالمية شهدت في الأشهر الأخيرة اضطرابا شديدا، وحالة من اللا يقين السائدة في سوق الأسهم، ما دفع بكثير من المستثمرين إلى شراء الذهب بدلا من أسهم الشركات والعملة الأمريكية، خصوصا أن الاقتصاد الأمريكي يمر بمرحلة تباطؤ. وقد تتحول إلى ركود، وفي مثل هذه الحالة تهرب الاستثمارات نحو السلع الأكثر استقرارا، وأسعار الذهب مستقرة، بل إن التجارة في الذهب تحقق الكثير من الأرباح. خامسا: بعد انهيار قطاع العقارات الذي استقطب في مرحلة من المراحل الكثير من الاستثمارات، حاز الذهب على المكانة ذاتها، التي كانت لقطاع العقارات لعقود طويلة بوصفه مجالا للتوظيف الاستثماري، خصوصا أن التوظيف في الذهب يحفز المستثمرين على شراء الذهب لتحقيق الأرباح، بدلا من الأرباح التي كان يحققها الاستثمار في قطاع العقارات. وتوقع خليفة استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة إلى قرابة 2000 دولار للأوقية، وذلك بسبب أن الدولار الأمريكي سيواصل انخفاضه الشديد بسبب حالات التضخم التي تشهدها القوى الاقتصادية حول العالم، بالإضافة إلى الآليات التي تعمل بها البنوك المركزية حول العالم بعد تخفيض فوائد البنوك، وأيضا زيادة الطلب على السبائك الذهبية حول العالم، ما يدعم تلك التوقعات بزيادة الأسعار. ومن جهة أخرى كانت هناك دلالة على أن حركة الإقبال على الذهب في هذه الأيام تعتبر متوسطة، ولكنها تقاس حسب أقوال المتعاملين في سوق الذهب على أنها إقبال جيد. وأشار أحمد العماري صاحب محال ذهب ومجوهرات إلى أن السوق كانت أكثر نشاطا مع فترة موسم الحج، حيث ارتفعت المبيعات إلى حدود 80 في المائة وتراجعت نسبيا بعد رحيل حجاج بيت الله بنسبة 60 في المائة، ولكن الذهب ما زال يتمتع بإقبال يعتبر بمقياس أسواق الذهب جيدا، حيث إن السوق قد ترتفع وتيرة الشراء فيها خلال عطلة نصف العام إلى 70 في المائة. وتزيد هذه النسبة خلال العطلة الصيفية إلى 85 في المائة. هذا الوقت من العام تكثر فيه المناسبات الاجتماعية كالأفراح والمناسبات الأخرى. وقال إن أكثر الزبائن يقبلون على شراء مصوغات وسبائك الذهب من عيار 21 قيراطا، حيث بلغت نسبة الشراء 55 في المائة وللذهب عيار 18 قيراطا، 45 في المائة. أما السبائك التي هي من الذهب الصافي فنسبة الشراء بلغت 40 في المائة. وقال «هناك نوعان من الزبائن، من يشتري المصوغات والحلي الذهبية كزينة أو هدية، ومن يشتري السبائك للاستثمار. فالذهب يعتبر «زينة وخزينة» أو كما يقولون عن الذهب إنه «شيك مقبول الدفع دائما». وأكد العماري أن 85 في المائة من المصنوعات الذهبية المتواجدة في أسواق الذهب تنتجها مصانع سعودية، وهي تمتاز بالجودة العالية والنقاء والنقوش المميزة ولهذا فهي مطلوبة في الأسواق الخليجية والعربية. أما باقي المصنوعات فهي مستوردة من دول أخرى مثل: دبي وسنغافورة وأوروبا التي عادة ما تكون تحمل أسماء لماركات مصممين عالميين.