صديقي.. أمس الأول كنت أقرأ قصة طفلة الجنوب الجميلة «شيهانة»، التي وخلال 10 أشهر من دخولها لمدرسة في مدينة لوس أنجلس، ورغم عدم إلمامها باللغة الإنجليزية، حصدت المركز الأول في مدرستها «Hareson»، كأفضل الطلاب على مستوى مدرستها، وكرمتها المدرسة لحصولها على المرتبة الأولى، في نهاية الحكاية / الخبر ب«عكاظ» تحدث عن مثابرة «شيهانة» وجهد الأسرة والمعلمة ترين. فرحت لشيهانة ولفكرة كنت أؤمن بها: إن أتيح للإنسان المناخ المناسب يمكن له أن يتفوق ويبدع بغض النظر عن إلى أي وطن أو عرق ينتمي. لكن المعلمة «ترين» أعادت لي حكاية «ميري» وطفلي الذي كان يدرس هناك حين كنت أحضر الدكتوراة، وكان عبد الله يحب المدرسة، لأنه يحب معلمته «ميري». حين حصلت على الشهادة كان علينا أن نعود، وكانت «ميري» قد أعدت حفل وداع لابني، كتبت له: «عزيزي عبد الله.. أنا مؤمنة بأن لديك شيئا مميزا ومختلفا، وأنك في يوم ما ستكتشف هذا الشيء الذي يميزك عن البقية، وستبدع به، وستفيد البشرية، ولكن لا تستعجل الأمور يا عبد الله، وثق أني أفتخر بأني كنت معلمة لك». بعد عام من عودتنا، لم يعد عبد الله يحب المدرسة كما كان في السابق، بل وقال لي ولوالدته بصريح العبارة: «أنا ما أبغى أروح للمدرسة، ما أحبها». سألته: لماذا لا تحب المدرسة يا عبد الله؟ أخبرني لأنه لا يوجد «ميري»، حاولت إقناعه أن كل مدرسيه يحبونه، وأني تحدثت معهم وأكدوا لي هذا، قال لي: «يا بابا ميري قالت لنا لو سمحتوا كل واحد منكم يكتب لي رأيه في طريقة تعليمي، ويقول لي وش عيوبي، ولن أغضب من نقدكم لي، فأنا أحب أن أطور قدراتي، والإنسان لا يستطيع أن يطور نفسه إن لم يصحح عيوبه، وربما أنا ارتكبت خطأ معكم ولم أنتبه له، ورأيكم بي سينبهني لهذه الأمور، وأصحح هذا الخطأ. هنا يا بابا ما أحد يسألنا وش رأينا، وكلهم يعصبون علينا». لم أجب، ربما لأني لا أملك إجابة، ولكن لماذا، يا صديقي، لا أحد يسألهم عن رأيهم؟ هل ما زلنا نعتقد أن الطفل لا يعي، أم أننا لا نريد صناعة شخص له رأي؟ ما يحزنني، يا صديقي، أن لدينا أكثر من شيهانة وعبد الله، وكان يمكن لهم أن يبدعوا ويضيفوا للبشرية كما قالت «ميري» لطفلي، لكن هؤلاء الأطفال مبدعي المستقبل ينقصهم المناخ الصحي لينموا، فالمبدع كالشجرة تموت حين تحرمها من الشمس. التوقيع: صديقك [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة