ربما حالت المستنقعات التي خلفتها الأمطار التي شهدتها بعض مناطق المملكة دون وصول بعض طالبات وطلاب المدارس إلى مدارسهم، غير أن الغيوم التي تنذر بأمطار جديدة لم تحل بين تلاميذ المدارس والمهتمين بالفلك من أن يرصدوا ظاهرة الكسوف الجزئي التي شهدتها المملكة أمس. ووسط أجواء غائمة تسابق الأطفال قبل الكبار في ارتداء نظارة الكسوف لمشاهدة كسوف الشمس، واعتلت الفرحة وجوههم وهم يشاهدون منظر الكسوف الذي حجب جزءا من قرص الشمس. الاقتران الفلكي بدأ الكسوف الجزئي في مكةالمكرمةوجدة في العاشرة والثلث صباحا، ووصل ذروته (أقصى حد يستطيع فيه القمر حجب قرص الشمس) عند الساعة الحادية عشرة و40 دقيقة، حيث احتجبت بنسبة 23.8 في المائة، وانتهى الكسوف الجزئي في الواحدة وسبع دقائق ظهرا. وأوضح رئيس الجمعية الفلكية في جدة ماجد أبو زاهرة أن السماء شهدت بجانب الكسوف الجزئي حدوث الاقتران الفلكي للقمر (المحاق) لشهر صفر، موضحا أن الاقتران هو إحدى منازل (أطوار) القمر، حيث تقع الشمس والقمر على ارتفاع واحد في السماء عندما يكونان على خط طول سماوي واحد، ويكون القمر على وشك الانتقال من غرب الشمس إلى شرقها (حسب الحركة الظاهرية)، منهيا بهذا الانتقال دورة اقترانية حول الأرض، ومبتدئا دورة اقترانية جديدة، وهذه لحظة عالمية تتم في لحظة واحدة بالنسبة لجميع أرجاء الأرض. وأشار إلى أن الاقتران يحدث شهريا، ولكن لا يمكن رصده كظاهرة فلكية إلا في توقيت كسوف الشمس، وذلك لأنه عند حدوث الاقتران كل شهر يعبر القمر إما شمال الشمس أو جنوبها، لذلك لا يمكن رصد ظاهرة الاقتران بالعين المجردة. كسوف المدينةوالرياض ولفت إلى أن الكسوف الجزئي في المدينةالمنورة بدأ في العاشرة والثلث، ووصل ذروته في الحادية عشرة و40 دقيقة، حيث احتجبت الشمس بنسبة 29.9 في المائة، وانتهى الكسوف الجزئي عند الواحدة و44 دقيقة ظهرا. أما في العاصمة الرياض، فبدأ الكسوف الجزئي في العاشرة و39 دقيقة، ووصل ذروته في الثانية عشرة ظهرا، حيث احتجبت الشمس بنسبة 24.3 في المائة، وانتهى الكسوف الجزئي عند الواحدة و25 دقيقة ظهرا. مدار القمر وبين أبو زاهرة أن كسوف الشمس الجزئي يحدث في نهاية الشهر العربي، عندما يغطي القمر جزءا من الشمس، ويشاهد من الأماكن الواقعة في شبه ظل القمر، وهذا الأمر لا يتكرر شهريا؛ لأن مدار القمر حول الأرض مائل بالنسبة لمدار الأرض حول الشمس، وتكون نسبة مشاهدة الكسوف مختلفة، استنادا إلى الموقع الذي يتم فيه الرصد، فكلما كان موقع الراصد قريبا من مسار الكسوف كانت مشاهدة احتجاب قرص الشمس أكبر، وكلما ابتعد الموقع على مسار الكسوف تقل عندها نسبة الجزء المكسوف من قرص الشمس. ألسنة اللهب وفي المنطقة الشرقية، بدأ الكسوف في العاشرة و49 دقيقة صباحا، وبلغت نسبته 24 في المائة. وذكر المنسق العلمي لجمعية الفلك في القطيف عبد الله بن علي العياضي أن الكسوف كان فرصة لمشاهدة ألسنة اللهب وهي خارجة من الشمس، كما تشاهد ألسنة اللهب في الحرائق الضخمة، فبعضها يبتعد عن الشمس ويختفي، والبعض الآخر يلتوي ليرجع ويدخل الشمس، كم كان فرصة لدراسة المذنبات والأجرام الأخرى المتواجدة حول الشمس في تلك اللحظة، ودراسة حرارة سطح الشمس البالغة ستة آلاف درجة مئوية، حيث تبلغ درجة حرارتها الحقيقية نحو مليون درجة مئوية، بالرغم من رقتها المتناهية وتوهجها الخافت. أفريقيا وأوروبا يشار إلى أن الكسوف شوهد من شمال ووسط قارة أفريقيا وقارة أوروبا وغرب قارة آسيا، حتى وصل الحد الأعلى للكسوف الجزئي 86 في المائة في أقصى شمال أوروبا، فيما لم يتمكن سكان قارات أستراليا، أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية، المتجمدة الشمالية، النصف الجنوبي من أفريقيا، وجنوب وشرق آسيا، بالإضافة إلى المحيطات الأطلسي، الهادي، والمتجمد الشمالي من رؤيته.