تستحوذ القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها وتعقيداتها على اهتمام مطلق من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فضلا عن الاهتمام العربي لما لها من أهمية مركزية تنعكس على قضايا العالم العربي. وفي العام الماضي تعثرت خطوات السلام؛ بسبب المماطلة الإسرائيلية وضعف التحرك الإسرائيلي في مواجهة الصلف الإسرائيلي. واعترفت الولاياتالمتحدة بشكل علني أنها غير قادرة على مواجهة الاستيطان، ما يمكننا القول إن تل أبيب انتصرت على واشنطن ودفنت آمال السلام. وبدورها استطلعت «عكاظ» رأي المسؤولين والخبراء الفلسطينيين حول ما جرى من الأحداث السياسية على الساحة السياسية الفلسطينية. إذ قال السفير يحيى رباح (مسؤول الإعلام لحركة فتح في قطاع غزة سفير فلسطين السابق في صنعاء): إن أهم حدث على المسار الفلسطيني وانكفأ عليه العام 2010م، هو انتصار الاستيطان على السلام وانهيار المفاوضات، وإعلان الإدارة الأمريكية عن فشلها في الضغط على حليفتها إسرائيل في وقف الاستيطان أو مجرد تجميده ولو ل90 يوما فقط تستأنف فيها المفاوضات مركزة على البند الأول وهو الاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية المستقلة، انطلاقا من أن الاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية ينهي موضوعيا مشكلة الاستيطان. وأوضح أن انهيار المفاوضات بسبب التعنت الإسرائيلي في ظل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم حاليا، وعجز الإدارة الأمريكية عن إحداث اختراق جدي، يطرح السؤال مجددا عن نوع هذه العلاقة الملتبسة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل! فإذا كانت إسرائيل تعتمد في ضمان أمنها بالمطلق على الولاياتالمتحدة، فكيف لا يكون للإدارة الأمريكية أي تأثير يذكر؟ هذا هو السؤال الذي يتوجب على النظام الإقليمي العربي أن يجيب عنه في العام المقبل، العام 2011م، حين يصبح النظام الإقليمي العربي مضطرا من زاوية الدفاع عن النفس بالذهاب إلى خيارات أخرى، سواء العودة إلى الأممالمتحدة والشرعية الدولية أو إلغاء هذه الحالة التي يبدو فيها الاحتلال الإسرائيلي رخيص الثمن، وتبدو فيها الإدارة الأمريكية وسيطا غير نزيه، يحتكر رعاية عملية السلام و لكنه أي الوسيط الأمريكي عاجز عن حماية عملية السلام. هناك نجاح كبير وهناك عوائق في الطريق، والرئيس الفلسطيني حافظ على هذه الشراكة الفلسطينية العربية، بحيث يحظى كل قرار فلسطيني بأكبر مساحة من التفهم العربي. من جهته، أفاد المهندس عماد الفالوجي (وزير الاتصالات عضو المجلس التشريعي السابق) أن العام الماضي يستحق أن نطلق عليه وبكل جدارة لقب «عام بلا إنجازات»، وقد سيطر على هذا العام أحداث متتالية كلها تصب في اتجاه واحد وهو الفشل، ولم تنجح كل التحركات في معالجة سلبيات وإخفاقات العام الذي سبق، ولعل الأوضاع السياسية ومجريات العملية التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي ومنعطفات الحوار الفلسطيني الداخلي والمصالحة كانتا المحورين الأساسيين خلال أحداث العام 2010م. أما من ناحية التحركات السياسية، فقد كان الاصطدام السياسي هو سيد الموقف طيلة العام 2010م، حيث حاول الرئيس محمود عباس تجاوز الموقف الإسرائيلي الذي أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والمتمثل بمواصلة الاستيطان في قلب الأراضي الفلسطينية مع استمرار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، ورفض الرئيس عباس لهذا الموقف وإصراره على ربط المفاوضات بالتوقف التام للاستيطان مع تمسكه بعملية السلام، ومن هنا قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية بقيادة الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل ببذل جهود كبيرة لتجاوز هذه العقبة على مدار العام 2010م، حيث عرضوا فكرة المفاوضات غير المباشرة لمدة أربعة أشهر، وانقضت تلك المفاوضات غير المباشرة بشهورها الأربع دون تحقيق أي نتائج على أرض الواقع، ثم كانت فرصة المفاوضات المباشرة لمدة ثلاثة أشهر ولم تحقق أي نتائج. وعلى الصعيد الداخلي خلال العام 2010م، لم تنجح كافة الجهود المبذولة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي بالرغم من عقد عدة جولات للحوار بين حركتي فتح وحماس في العاصمة السورية، ونجحت هذه الجهود في تجاوز بعض العقبات التي كانت تحول دون قيام «حماس» بالتوقيع على الوثيقة المصرية للمصالحة، ولكن بقي الملف الأمني العائق دون نجاح تلك الجهود، ومرت العلاقة بين الحركتين على أرض الواقع بين حالتي التصعيد والتهدئة، وقام كلا الطرفين بمواصلة اعتقال عناصر وكوادر الطرف الآخر، واستمر التصعيد الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين الطرفين سيدة الموقف. لكن هناك مؤشرات وتوقعات أن يحدث تقدم على هذا الصعيد؛ بسبب التصعيد الإسرائيلي المزدوج في الضفة الغربية وقطاع غزة وفشل المفاوضات السياسية وحاجة الطرفين لنوع من التهدئة المتبادلة، ولكن لن تتم مصالحة شاملة بل ترتيبات متفق عليها لتنظيم العلاقة بين حكومتي غزة ورام الله. أما بشأن المسيرة السياسية للعام المقبل 2011م، فلن يحدث اختراق كبير وستستمر الحالة بين الشد والجذب «إدارة أزمة»، وتوقع أزمة داخل المجتمع الإسرائيلي قد تؤدي إلى المطالبة بانتخابات مبكرة أو انهيار الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو مع ليبرمان.