جميل أن تتوافق القيادة الفلسطينية حول مبدأ ينص على أن المفاوضات والمستوطنات لا يمكن أن يسيرا معًا، والأجمل منه أن تبدأ تلك القيادة في بحث البدائل والخيارات المتاحة أمامها بعد اصطدام المفاوضات بموقف إسرائيل المتعنت بمواصلة الاستيطان بما يؤكد على عدم جديتها إزاء عملية السلام في الوقت الذي استمرت فيه حكومة بنيامين نتنياهو الاستمرار في المراوغة والمناورة بدعوته الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجددًا إلى استئناف المفاوضات (بدون شروط )، أي بمعنى آخر الانصياع للمفاوضات بالشروط الإسرائيلية. قد يأخذ البعض على السلطة الفلسطينية موافقتها على مفاوضات مباشرة كانت تدرك جيدًا أن مآلها الفشل، لكن تلك التجربة لم تكن فاشلة على الإطلاق، كونها أثبتت للعالم حقيقة الموقف الإسرائيلي المراوغ، وهو ما اتضح بحالة الاستياء العام والشعور بخيبة الأمل التي أبداها المجتمع الدولي – بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها من خلال اتهام الخارجية الأمريكية إسرائيل بالتسبب في تعطيل المفاوضات. لذا فإنه من البديهي توجه السلطة الفلسطينية ولجنة المتابعة العربية - التي من المتوقع أن تدعم الموقف الفلسطيني بالربط بين استئناف المفاوضات ووقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية حتى يتم الانتهاء من ترسيم حدود الدولة الفلسطينية المرتقبة - نحو موقف دولي يلزم إسرائيل بوقف الاستيطان الذي يعتبر المفتاح لحل الدولتين، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال مطالبة المجتمع الدولي بممارسة ضغوطٍ حقيقيةٍ على إسرائيل، ورفع الملف برمته إلى مجلس الأمن الدولي. بيد أن البديل الأجدى يتمثل في تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية استنادًا إلى الحقيقة الاستراتيجية بأن تحقيق السلام الفلسطيني – الفلسطيني هو المرحلة الأولى في تبني موقف فلسطيني يحسن شروط وبيئة أي مفاوضات جادة تفرض الشروط الفلسطينية باعتبار أن الفلسطينيين أصحاب قضية عادلة وأصحاب حق تدعمه الشرعية والمرجعيات الدولية. رفع شعارات المصالحة وبث صور الابتسامات لقادة فتح وحماس إثر اللقاءات الإيجابية التي جمعتهما مؤخرًا في دمشق لا يكفي وحدة لبلورة موقف فلسطيني واضح وموحد ومؤثر، فالمصالحة المطلوبة هي المصالحة التي لا تحتمل التأجيل، مصالحة ينبغي أن تكون خيارًا استراتيجيًا لدى الطرفين لا تردد فيه ولا رجعة عنه ولا مجال لتأجيله أكثر مما مضى.